للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاجتماعية للصغير، أبوه يُشهده مشاهد الخير والبركة مع الكبار، الصغير يتأدَّب في وجود الكبير فلا يتكلَّم، والوالد يشجِّع ولده على الجواب والكلام بأدب، طالما أنه يعرف الجواب الذي يظنه صحيحًا. فأنعم بها من تربية!

ويعظم الأثر والفائدة من حضور الصغير مثل هذه المجالس، إن كانت تلوح عليه مخايل النجابة، وآثار الفطنة، كما وقع مع عبدالله بن عباس - رضي الله عنه -.

يحكي عن نفسه فيقول: كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال (١): لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟! فقال عمر: إنه من قد علمتم.

فدعاه ذات يوم فأدخله معهم، قال ابن عباس: فما رئيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم، قال عمر: «ما تقولون في قول الله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح}»؟ فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا، وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا، فقال لي: «أكذاك تقول يا ابن عباس»؟ فقلت: «لا»، قال: «فما تقول»؟ قلت: «هو أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه له»، قال: {إذا جاء نصر الله والفتح} «وذلك علامة أجلك»، {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}، فقال عمر: «ما أعلم منها إلا ما تقول» (٢).


(١) في رواية البخاري (٣٦٢٧) أن القائل هو عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه -.
(٢) «صحيح البخاري» (٤٩٧٠).

<<  <   >  >>