للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- رضي الله عنه -، يهتم بهذه العاطفة ويظهرها، فيدخل ذات يومٍ على زوجه أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، فيجد عندها أخاها محمد ابن الحنفية، فيضمُّه عمر، ويقول لزوجه: «ألطفيه بالحلواء» (١).

ولم يقتصر إظهار عمر لهذه العاطفة للصغار في بيته وأمام زوجه فقط، بل أظهره أمام رعيته وعماله، فلما رآه أحد عماله؛ قال له: إن لي كذا وكذا من الولد، ما قبَّلتُ واحدًا منهم!

فقال عمر: «إن الله عز وجل لا يرحم من عباده إلا أبرهم» (٢).

وفي رواية: أن ذلك العامل قال لعمر: تقبله وأنت أمير المؤمنين؟! لو كنت أنا ما فعلته.

فقال عمر - رضي الله عنه -: «فما ذنبي إن كان قد نُزِع من قلبك الرحمة؟! إن الله لا يرحم من عباده إلا الرحماء».

ونزعه عمر عن عمله، وقال: «أنت لا ترحم ولدك؛ فكيف ترحم


(١) إسناده حسن: أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٥٤/ ٣٣٠) من طريق زيد بن الحباب، ثنا الربيع بن المنذر المؤدب، حدثنا أبي قال سمعت ابن الحنفية؛ فذكره.
وهذا إسناد رجاله ثقات، سوى ابن الحباب، فقد قال عنه الحافظ في «التقريب» (٢١٢٤): "صدوق، يخطئ في حديث الثوري".
ورواية ابن عساكر ليس فيها لفظة: "ألطفيه"، وإنما هي من طريق الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (٤/ ١١٥).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه البخاري في «الأدب المفرَد» (٩٩).

<<  <   >  >>