للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومما يزيد هذه المرحلة خطورة وأهمية: أنها إحدى المحطات الهامة التي تُبنى فيها شخصية الفرد، ففيها تُرسَم الخطوط الكبرى لما سيكون عليه الإنسان في المستقبل، حيث أكَّدت الدراسات النفسية على أهمية السنوات الأولى في حياة الفرد، لكونها تلعب دورًا هامًّا في تشكيل شخصيته، وتكوين اتجاهاته، وميوله، ونظرته للحياة، ويتم فيها وضع غالبية الأسس للجوانب التربوية المختلفة، كما أكَّدت تلك الدراسات على أنَّ كثيرًا من الانحرافات التي تظهر في الكبر ترجع إلى ما تعرَّض له الفرد في مواقف الحياة أثناء مرحلة الطفولة (١)!

وفي هذا المعنى يقول صالح بن عبدالقدوس:

وإن من أدَّبتَه في الصِّبا ... كالعود يُسقى الماءُ في غرسه

حتى تراه مُوَنَّقًا ناضرا ... بعد الذي أبصرتَ من يبسه

والشيخ لا يترك أخلاقه ... حتى يُوَارَى في ثرى رمسه

إذا ارعوى عاد إلى جهله ... كذا الصبا عاد إلى نكسه (٢)

ومن هنا: غَدَت العناية بالصغار اليوم معيارًا من المعايير التي يُقاس بها مدى تقدم الأمم، فأُنشئت منظَّمات محلية، وإقليمية، ودولية


(١) عبدالمحسن عبدالعزيز حمادة، «أسس تربية الطفل في الخليج العربي»، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، العدد (٢٨) سنة ١٩٨١ م، (ص/ ٨٩).
(٢) ابن عبدالبر، «جامع بيان العلم وفضله» (١/ ٣٧٠)، قال: "أنشدني غير واحد لصالح بن عبدالقدوس في شعر له:" فذكره.

<<  <   >  >>