للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أنَّ الصوم عبادة روحية جسدية في وقت واحد، يتعلم منها الصغير الإخلاص الحقيقي لله، ومراقبته وحده في السر، وتتربى إرادة الطفل بالبعد عن الطعام رغم الجوع، وعن الماء رغم العطش (١).

وعبادةٌ بهذا القدر في الإسلام، مع كونها أحد أركانه؛ لم يكن الصحب والآل ليفوتهم محاولة تدريب أبنائهم وصغارهم عليها، وقد عَنْوَن البخاري في صحيحه لما ورد في هذا الباب بقوله: "باب صوم الصبيان" (٢).

ومن أشهر ما ورد في هذا الباب: ما حكته الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ ابنِ عَفْراء رضي الله عنها في شأن صيام عاشوراء؛ حيث قالت: "أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار، التي حول المدينة: «من كان أصبح صائما، فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا، فليتم بقية يومه» فكنا بعد ذلك نصومه، ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار (أي: حتى يكون عند الإفطار) " (٣).

بل من شهرة هذا الأمر عندهم: احتجَّ به عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - على


(١) محمد قطب، «منهج التربية الإسلامية» (١/ ١٢٠)، محمد نور سويد، «منهج التربية النبوية للطفل» (ص/ ٢٦٥).
(٢) «صحيح البخاري» (٤/ ٢٠٠ - مع الفتح).
(٣) متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (١٩٦٠)، ومسلم (١١٣٦) واللفظ له، وما بين القوسين من رواية البخاري.

<<  <   >  >>