للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الشافعيُّ: "إن الله - عز وجل - بفضل نعمته أثاب الناس على الأعمال أضعافها، ومَنَّ على المؤمنين بأن ألحق بهم ذرياتهم، ووفر عليهم أعمالهم فقال: {ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء}، فلما مَنَّ على الذراري بإدخالهم جنته بلا عمل؛ كان أن مَنَّ عليهم بأن يكتب لهم عمل البر في الحج، وإن لم يجب عليهم من ذلك المعنى" (١).

في طريقها للحج: اصطحبت المرأة صغيرها معها، لعلها أرادت أن تُعلِّمه المناسك، وأن تريه المشاهد في سنٍّ مبكرة، بيد أن سؤالًا كان في ذهنها لم تجد من يجيبها عنه، إذ لم يبلغها فيه خبر، وبينما هي مع قومها إذ وصلوا مكانًا يُقال له الرَّوْحاء، قابلوا رجلًا مع أصحاب له، فبادرهم بالسؤال: «من القوم؟» قالوا: المسلمون، ثم بادلوه السؤال بسؤال: من أنت؟ قال: «رسول الله».

عند ذلك فزعت المرأة، ورفعت صبيَّها ليراه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا ندري أيهما كان أسبق، رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - لصغيرها؟ أم سماعه لسؤالها الذي شقَّ جمع القوم: ألهذا حَجٌّ؟

فأجابها - صلى الله عليه وسلم - بما أثلج صدرها، وطمأن قلبها، وشجَّعها على المضيِّ قُدُمًا فيما لأجله تحمَّلت عناء الصبر على صبيِّها: «نعم، ولكِ أجر» (٢).

فيا لسعادتها بإجابة جاءت فوق ما كانت ترجو وتتمنَّى.


(١) البيهقي، «الاعتقاد» (ص/ ١٦٨).
(٢) «صحيح مسلم» (١٣٣٦).

<<  <   >  >>