للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببناء المساجد في الدور" في الدور ليس المراد بها البيوت والمساكن، كل واحد يبني مسجد في بيته، وإن قال به بعض العلماء، يبني ويخصص مكان للصلاة في بيته، ينظفه ويطيبه، وفعله كثير من السلف، لكن ليس معنى هذا أنه يصلي فيه الفرائض، يصلي فيه النوافل، عتبان بن مالك لما كف بصره وصار يشق عليه التردد إلى المسجد، كما تقدم طلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يصلي في بيته مكاناً يتخذه مسجداً، وإذا كان لا يستطيع الحضور إلى المسجد، أو كان ممن لا تلزمه الجماعة، وسبق أن قلنا في حديث عتبان مع حديث ابن أم مكتوم الرجل الأعمى الذي في طريقه وادٍ وسباع، وفي وصوله إلى المسجد شيء من العسر طلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يرخص له في بيته، فقال له: ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب، لا أجد لك رخصة)) فعتبان لا يسمع النداء، وقررنا هذا في درس مضى، وبيته في منتصف الطريق بين المسجد النبوي وقباء، فالمظنون أنه لا يسمع النداء من أجل التوفيق بين حديثه وحديث ابن أم مكتوم.

الدور كما قال المؤلف: القبائل والمحال، يعني الأحياء الحارات تبنى فيها المساجد لتيسر على أهل الحي أداء الجماعة في المسجد، ولو قيل: إنه لا يبنى في الأحياء ولا في القبائل مساجد لشق على الناس الصلاة مع الجماعة، وألزموا أن يحضروا إلى المسجد، مسجد البلد، لكن هذا فيه مشقة عظيمة، وجدت مساجد في عهده -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة للصلوات الخمس، وأما بالنسبة للجمعة فشأنها أعظم وأشد على ما سيأتي.

القبائل يعني لما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((خير دور الأنصار بنو عبد الأشهل)) خير دور الأنصار يراد بذلك قبائل الأنصار، والمؤلف يقول: والدور القبائل والمحال، القبائل يطلق عليها دور، دور الأنصار يعني قبائل الأنصار، وقد تطلق الدور ويراد بها المحال والحارات والأحياء يقال لها: دور.