للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وأن تنظف وتطيب" لأنها يعني المسجد بيت الله، ومحل العبادة، وتنظيفها وتطييبها يريح المصلين، ويجعلهم لا يتضايقون من المكث فيها، وأداء الصلاة فيها، بخلاف ما إذا أهملت ووجد فيها ما تنبعث منه روائح، أحياناً الفرشاة إذا طال بها العهد ولم تغسل وتنظف وتطيب بعض الناس يتضايق لا يستطيع أن يسجد، وبعض الناس ترك الصلاة في مسجد وذهب إلى غيره بحجة أن الفرشة إذا سجد انكتم من الروائح المنبعثة منها، فعلى هذا لا بد أن تنظف المساجد، ولا بد أن تطيب ليؤدي الناس هذه الفريضة على أكمل وجه، يعني الإنسان إذا لم يتمكن من السجود على الوجه المطلوب كيف يخشع في صلاته؟ نعم قد يضطر بعض الناس أو يحتاج إلى وضع شيء متصل به كالغترة والشماغ وطرف العمامة، وما أشبه ذلك، قد يحتاج إلى ذلك، وأهل العلم يكرهون السجود على المتصل، لكن إذا وجد مثل هذا فإنه كما قال أهل العلم: الكراهة تزول بأدنى حاجة، لا مانع من أن يصلي على طرف شماغه أو غترته أو عمامته.

"تنظف" يغسل ما أصابها من أذى، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بسجل من ماء أهريق على بول الأعرابي "وتطيب" لتكون روائحها طيبة تريح المصلين والداخلين والمقيمين في المسجد، ويمنع من أكل ما له رائحة كريهة من دخول المسجد، أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربن مساجدنا، ومن باب أولى إذا كان ما تنبعث منه الرائحة محرماً كالدخان ونحوه فإن هذا أشد، ليس معنى هذا أن هذه رخصة لمن أكل أو شرب دخان أن يصلي في بيته ولا يأتي المسجد ويتذرع بذلك، لا، هذه عقوبة، هذا تعزير له حينما يمنع من المسجد، لكن لما اختلفت الموازين، وتغيرت المفاهيم، وتلوثت الفطر ما صارت في نظر كثير من الناس عقوبة، اعتبرها بعضهم رخصة، لكن لو يأتي إلى مكان فيه وليمة، ثم يقال له: والله ارجع من حيث أتيت لأن رائحتك كريهة، كيف يتصور هذا الموقف؟! يسهل عليه مثل هذا؟ لكن سهل أن يتذرع ويتعلل ويوجد لنفسه العذر أن يتخلف عن الجماعة؛ لأنه أكل ثوم أو بصل أو شرب دخان، كل هذا صيانة للمسجد، وتقدم ما يتعلق بهذا.