والآخر: إثبات حرف العلة فى موضع الوقف، وذلك ضرورة أفحش من الأولى، لكثرة الإبدال على قبحه، وقلة إثبات حرف اللين فى موضع الوقف. لكن إذا اعتقد أنه خفف لم يكن فى هذه القراءة ضرورة البتة، وفى هذا كاف.
وإذا كان «أنبيهم» إنما هو على التخفيف القياسى، فكأن الهمزة حاضرة لأنها هى الأصل؛ إذ كان التخفيف له أحكام التحقيق. ألا ترى إلى صحة الواو والياء فى تخفيف ضوء وفئ، وذلك قولك: هذا ضو وفى ونو وشى، بضمة الواو والياء مع تحركهما وانفتاح ما قبلهما، وترك قبلهما ألفين لذلك يدل على أن الواو والياء لما تحركتا بحركة الهمزة المحذوفة للتخفيف كانتا لذلك فى حكم الساكنين، فكما تصحان هنا ساكنتين فى ضوء ونوء وفئ وشئ كذلك صحتا متحركتين فى ضو ونو وشى، وعلى ذلك صحت الواو والياء أيضا فى تخفيف نحو جيئل وحوءب إذا خفّفت فقلت: جيل وحوب، فكما تكون الياء مضمومة مع التحقيق فى قوله:«أنبئهم» فكذلك تكون مضمومة مع التخفيف فى قولك: «أنبيهم» لما بيناه من أن حكم الهمزة المخففة حكم المحققة.
وسألت أبا على رحمه الله فقلت: من أجرى غير اللازم مجرى اللازم؟ فقال: فى تخفيف الأحمر: لحمر، أيجوز له على هذا أن يقلب الواو والياء فى حوب وجيل ألفا، فيقول: حاب وجال؟ فقال: لا، وأومأ إلى أن حكم القلب أقوى من حكم الاعتداد بالحركة فى لحمر؛ أى: فلا يبلغ فى الجواز ذلك لشناعته، وهو كما ذكر.
وقد يجوز عندى فى قراءة الحسن رحمه الله هذه أن يكون أراد «أنبهم»، كقراءته فى الأخرى إلا أنه أشبع الكسرة فأنشأ عنها ياء، فقال:«أنبيهم»، كما قد يجوز ذلك فى قوله:«ألم يأتيك» فإنه أشبع الكسرة فمطها. فبلغت ياء، وعليه الرواية الأخرى التى ذكرها أبو الحسن وهى قوله: ألم يأتك، وعليه أيضا ما وجّه بعضهم قوله: