للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كقولهم: عليك زيدا إذا أردت خذ زيدا؛ وذلك أن عليك ودونك وعندك إذا جعلن أسماء للفعل لسن منصوبات المواضع، ولا هن متعلقات بالفعل مظهرا ولا مضمرا، ولا الفتحة فى نحو دونك زيدا فتحة إعراب كفتحة الظرف فى نحو قولك: جلست دونك، بل هى فتحة بناء؛ لأن الاسم الذى هو عندك زيدا بمنزلة صه ومه لا إعراب فيه، كما لا إعراب فى صه ومه وحيهل، غير أنه بنى على الحركة التى كانت له فى حال الظرفية، كما أن فتحة لام رجل من قولك: لا رجل فى الدار، وهى الحركة التى تحدثها «لا» إعرابا فى المضاف والممطول، نحو لا غلام رجل عندك ولا خيرا منك فيها، وكذلك قول الله تعالى: {مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ}، الفتحة فى نون مكانكم فتحة بناء؛ لأنه اسم لقولك: اثبتوا، وليست كفتحة النون من قولك: الزموا مكانكم، هذه إعراب، وتلك فى الآية بناء. وهذا موضع فيه لطف فتفهمه.

ولما دخل شيخنا أبو على رحمه الله الموصل سنة إحدى وأربعين-قال لنا: لو عرفت فى هذا البلد من يعرف الكلام على قولك: دونك زيدا-لغدوت إلى بابه ورحت.

وكذلك قوله تعالى: {كَتَبَ اللهُ} عليكم و {كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ}، «عليكم» فى الموضعين جميعا منصوبة الموضع بنفس كتب وكتاب، ولو قلت: عليكم كتاب الله لما كان لقولك عليكم موضع من الإعراب أصلا، ولا كانت متعلقة بشئ ظاهر ولا محذوف ولا مضمر على ما تقدم، فاعرفه.

***

{فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً} (٣٠) ومن ذلك قراءة إبراهيم والأعمش وحميد: «فسوف نصليه نارا»، بفتح النون، وسكون الصاد.

قال أبو الفتح: يروى فى الحديث أنه أتى بشاة مصليّة، أى مشويّة. يقال: صلاه يصليه: إذا شواه، ويكون منقولا من صلى نارا وصليته نارا، كقولك: كسى ثوبا وكسوته ثوبا. ومثله-إلا أنه قبل النقل غير متعد-شتر وشترته، وغارت عينه وغرتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>