للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحسن. وقراءة الناس: {مُتَّكَأً،} فى وزن مفتعل.

قال أبو الفتح: أما «متّكا» غير مهموز فمبدل من متّكأ، وهو مفتعل من توكّأت، كمتّجه من توجهت، ومتّعد من وعدت. وهذا الإبدال عندنا لا يجوز فى السعة، وإنما هو فى ضرورة الشعر، فلذلك كانت القراءة به ضعيفة. وعلى أن له وجها آخر، وهو أن يكون مفتعلا من قوله (١):

إذا شرب المرضّة قال أوكى … على ما فى سقائك قد روينا

يقال: أوكيت السقاء: إذا شددته، فيكون راجعا إلى معنى متّكأ المهموز، وذلك أن الشئ إذا شدّ اعتمد على ما شده كما يعتمد المتكئ على المتكأ عليه. فإن سلكت هذه الطريق لم يكن فيه بدل ولا ضعف، فيكون متّكا على هذا كمتّقى من وقيت، ومتّلى من وليت.

وأما «متكا»، ساكنة التاء فقالوا: هو الأترجّ، ويقال أيضا: هو الزّماورد.

وأما «متّكاء» فعلى إشباع الكاف من «متّكأ». وقد جاء نحو هذا، أنشدناه أبو علىّ لابن هرمة يرثى ابنه:

فأنت من الغوائل حين ترمى … ومن ذمّ الرجال بمنتزاح (٢)

يريد بمنتزح، وعليه قول عنترة، وأنشدناه أيضا سنة إحدى وأربعين بالموصل:

ينباع من ذفرى غضوب جسرة

وقال: أراد ينبع، فأشبع الفتحة، فأنشأ عليها ألفا. ولعمرى إن هذا مما تختص به ضرورة الشعر وقلما يجئ فى النثر، فوزن «متّكاء» على هذا مفتعال، كما أن وزن «ينباع» على هذا يفعال. ولو سمّيت به رجلا لصرفته فى المعرفة؛ لأنه قد فارق شبه الفعل وزنا. ولو سميته بينبع لم تصرفه، كما أنك لو سميته بينظر لم تصرفه. فإن سميته بأنظور، تريد: فأنظر لصرفته معرفة لزوال مثال الفعل. وقد ذكرنا ذلك فى كتابنا الموسوم بسر الصناعة.

***

{حاشَ لِلّهِ} (٣١) (٥١)

ومن ذلك: «حاشا الله» ابن مسعود وأبى بن كعب (٣)، وقرأ: «حاش الإله»


(١) انظر: لسان العرب «مرض».
(٢) سبق الاستشهاد به فى (٢٦٣/ ١).
(٣) انظر: (الكشاف ٣١٧/ ٢، الطبرى ١٢٣/ ١٢، القرطبى ١٨/ ٩، مجمع البيان ٢٢٨/ ٥، البحر-

<<  <  ج: ص:  >  >>