للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلا تَعْدُ عَيْناكَ} (٢٨)

ومن ذلك قراءة الحسن: «ولا تعد عينيك» (١).

قال أبو الفتح: هذا منقول من عدت عيناك، أى: جاوزتا. من قولهم: جاء القوم عدا زيدا؛ أى: جاوز بعضهم زيدا، ثم نقل إلى أعديت عينى عن كذا؛ أى: صرفتها عنه. قال (٢):

حتّى لحقنا بهم تعدى فوارسنا … كأنّنا رعن قفّ يرفع الآلا (٣)

أى: تعدى فوارسنا خيلهم عن كذا، فحذف المفعول بعد المفعول. وتعديها من عدا الفرس، كقولنا: جرى، وعلى أن أصلهما واحد؛ لأن الفرس إذا عدا فقد جاوز مكانا إلى غيره.

***

{أَغْفَلْنا قَلْبَهُ} (٢٨)

ومن ذلك قراءة عمرو بن فائد: «من أغفلنا قلبه» (٤).

قال أبو الفتح: يقال: أغفلت الرجل: وجدته غافلا، كقول عمرو بن معديكرب: ولله يا بنى سليم لقد قاتلناكم فما أجبنّاكم، وسألناكم فما أبخلناكم، وهاجيناكم فما أفحمناكم؛ أى: لم نجدكم جبناء، ولا بخلاء، ولا مفحمين. وكقول الأعشى (٥):


(١) انظر: (الكشاف ٤٨٢/ ٢، الرازى ١١٥/ ٢١، البحر المحيط ١١٩/ ٦، العكبرى ٥٦/ ٢، مجمع البيان ٢٧/ ٢).
(٢) نسبه فى الخصائص للجعدى. انظر: (الخصائص ١٣٥/ ١).
(٣) بعده: فلم نوقف مشلين الرماح، ولم نواجه عواوير يوم الروع عزالا والبيت فى الأمالى ٢٢٨/ ٢، وفى المختار من شعر بشار ٢٦٢، وفيه بعد أن أورده: «وقال العلماء: هذا من المقلوب، وإنما أراد الشاعر: كأننا رعن قف يرفعه الآل، والرعن: أول كل شئ، والقف: ما غلظ من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلا، والآل: السراب، وهو ما يراه الإنسان فى الصحراء نصف النهار كأنه ماء. وابن جنى يذهب فيه مذهبا غير القلب الذى ذهب إليه غيره، وقد تبعه البكرى فى اللألى». انظر: (الخصائص ١٣٥/ ١ وهامشه).
(٤) وقراءة عمرو بن عبيد، وموسى الأسوارى. انظر: (مجمع البيان ٤٦٤/ ٦، الكشاف ٤٨٢/ ٢، العكبرى ٥٦/ ٢، البحر المحيط ١٢٠/ ٦).
(٥) سبق الاستشهاد به فى (٢٣٢/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>