للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي} (٣٨)

ومن ذلك قراءة أبى بن كعب والحسن: «لكن أنا هو الله ربّى» (١).

وقرأ: «لكن هو الله ربّى» -ساكنة النون من غير ألف- (٢) عيسى الثقفى.

قال أبو الفتح: قراءة أبىّ هذه أصل قراءة أبى عمرو وغيره: «لكنّا هو الله ربّى»، فخففت همزة «أنا» بأن حذفت وألقيت حركتها على ما قبلها، فصارت «لكننا»، ثم التقت النونان متحركتين، فأسكنت الأولى، وأدغمت فى الثانية، فصارت «لكنّ» فى الإدراج. فإذا وقفت ألحقت الألف لبيان الحركة، فقلت: «لكنّا»، ف‍ «أنا» على هذا مرفوع بالابتداء وخبره الجملة، وهى مركبة من مبتدأ وخبر، فالمبتدأ «هو»، وهو ضمير الشأن والحديث، والجملة بعده خبر عنه، وهى مركبة من مبتدأ وخبر، فالمبتدأ «الله»، والخبر «ربى»، والجملة خبر عن «هو»، و «هو» وما بعده من الجملة خبر عن «أنا»، والعائد عليه من الجملة بعده الياء فى «ربّى»، كقولك: أنا قائم غلامى.

فإن قلت: فما العائد على «هو» من الجملة بعده التى هى خبر عنه؟ فإنه لا عائد على المبتدأ أبدا إذا كان ضمير الشأن والقصة، كقوله: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} (٣)، ف‍ {اللهُ أَحَدٌ} خبر عن «هو»، وهو ضمير الشأن والحديث، ولا عائد عليه من الجملة بعده التى هى الله أحد، وإنما كان كذلك من قبل أن المبتدأ إنما احتاج إلى العائد من الجملة بعده إذا كانت خبرا عنه؛ لأنها ليست هى المبتدأ، فاحتاجت إلى عود ضمير منها عليه؛ ليلتبس بذلك الضمير بجملته.

وأما «هو» من قولنا: هو الله ربى ونحوه، فهو الجملة نفسها، ألا تراه ضمير الشأن، وقولنا: الله ربى شأن وحديث فى المعنى؟ فلما كانت هذه الجملة هى نفس المبتدأ لم يحتج إلى عائد عليه منها، وليس كذلك زيد قام أخوه؛ لأن زيد ليس بقولك: قام أخوه فى المعنى، فلم يكن له بدّ من أن يعود عليه ضمير منه ليلتبس به، فيصير خبرا عنه. ومن قرأ: «لكن هو الله ربّى» ف‍ «هو» ضمير الشأن، والجملة بعده خبر عنه على ما مضى آنفا، وهذا واضح.

***

&


(١) وقراءة ابن مسعود. انظر: (القرطبى ٤٠٥/ ١٠، الكشاف ٤٨٥/ ٢، البحر المحيط ١٢٨/ ٦، الإتحاف ٢٩٠، النحاس ٢٧٦/ ٢، التبيان ٤٨/ ٧، مجمع البيان ٤٦٩/ ٦).
(٢) وقراءة عبد الله بن مسعود، والحسن. انظر: (الكشاف ٤٨٥/ ٢، البحر المحيط ١٢٨/ ٦، مجمع البيان ٤٦٩/ ٦).
(٣) سورة الإخلاص الآية (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>