للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أن تكون مقلوبة من فعل إلى فلع، فصارت فى التقدير «ريئا»، ثم خفف على هذا، فحذفت الهمزة، فألقيت حركتها على الياء، فصارت «ريا»، كقولك فى تخفيف نئ: أكلت طعاما نيا، وفى تخفيف الجيئة: الجية. فإن خففت البيئة من قولهم: بات بيئة سوء قلت فيها: البوة، وذلك أنها فى الأصل بوءة؛ لأنها فعلة من تبوّأت، فانقلبت الواو ياء؛ لسكونها وانكسار ما قبلها، فصارت بيئة، فإذا ألقيت عليها فتحة الهمزة قويت بها، فرجعت الواو لقوة الحرف بالحركة، فقلبت «بوة» وقد استقصينا هذا الموضع من كتابنا المعرب، فهذا أحد الوجهين فى «ريا» بالتخفيف.

والآخر: أن يكون يريد «ريا» من رويت، ثم يخفف الكلمة بحذف إحدى الياءين، كما قال: أتانى القوم لا سيما زيد بتخفيف الياء، وقولهم فى الطّيّة والنّيّة: الطية والنية، بحذف إحدى الياءين. وينبغى أن تكون المحذوفة من ذلك كله هى الياء الثانية؛ لأمرين:

أحدهما: أنها المكررة، وبها وقع الاستثقال، وإياها ما حذف.

والآخر: أنها لام، وقد كثر حذف اللام حرف علة: كمائة، ورئة، وفئة. وقلّما تحذف العين، فهذا هذا.

وأما «الزّى»، بالزاى ففعل من زويت؛ وذلك أنه لا يقال لمن له شئ واحد من آلته: زىّ، حتى تكثر آلته المستحسنة، فهى إذا من زويت؛ أى: جمعت.

ومن قول النبى صلّى الله عليه وسلّم: «زويت لى الأرض» (١)؛ أى: جمعت، ومن قول الأعشى (٢):

يزيد يغضّ الطّرف دونى كأنّما … زوى بين عينيه علىّ المحاجم (٣)

وأصلها زوى، فقلبت الواو على ما مضى، وأدغمت فى الياء.

***


(١) انظر: (النهاية فى غريب الحديث ١٤٥/ ٢).
(٢) من قصيدته فى هجاء يزيد بن مسهر الشيبانى مطلعها: هريرة ودعها، وإن لام لائم غداة غد أم أنت للبين واجم انظر: (ديوانه ٢٦٣).
(٣) انظر: (ديوانه ٢٦٦)، زوى المحاجم: صرف النظر وأمال الطرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>