للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ: «قبصة» (١)، بالصاد وضم القاف-الحسن، بخلاف.

قال أبو الفتح: القبض بالضاد معجمة باليد كلها، وبالصاد غير معجمة بأطراف الأصابع. وهذا مما قدمت إليك فى نحوه تقارب الألفاظ لتقارب المعانى، وذلك أن الضاد لتفشيها واستطالة مخرجها ما جعلت عبارة عن الأكثر، والصاد لصفائها وانحصار مخرجها وضيق محلها ما جعلت عبارة عن الأقل. ولعلنا لو جمعنا من هذا الضرب ما مرّ بنا منه لكان أكثر من ألف موضع هذا مع أننا لا نتطلبه ولا نتقرى مواضعه، فكيف لو قصدنا وانتحينا وجهه وحراه؟ نسأل الله أن يجعل ما علمنا منه لوجهه مدنيا من رضاه، ومبعدا من غضبه بقدرته وماضى مشيئته.

وأما «القبصة» بالضم فالقدر المقبوص، كالحسوة للمحسوّ، والحسوة فعلك أنت، والقبضة والقبصة جميعا على ذلك إنما هما حدثان موضوعان موضع الجثة، كالخلق فى معنى المخلوق، وضرب الأمير، ونسج اليمن، فى معنى مضروبه ومنسوجه.

***

{لا مِساسَ} (٩٧)

ومن ذلك قراءة أبى حيوة: «لا مساس» (٢).

قال أبو الفتح: أما قراءة الجماعة: {لا مِساسَ} فواضحة؛ لأنه المماسّة: ماسسته مساسا كضاربته ضرابا، لكنّ فى قراءة من قرأ: «لا مساس» نظرا؛ وذلك أن «مساس» هذه كنزال ودراك وحذار، وليس هذا الضرب من الكلام-أعنى ما سمّى به الفعل- مما تدخل «لا» النافية للنكرة عليه، نحو لا رجل عندك ولا غلام لك ف‍ «لا» إذا فى قوله: «لا مساس» نفى للفعل، كقولك: لا أمسّك ولا أقرب منك، فكأنه حكاية قول القائل: مساس كدراك ونزال، فقال: لا مساس؛ أى: لا أقول: مساس. وكان أبو على ينعم التأمل لهذا الموضع لما ذكرته لك، وقال الكميت:

لا همام لى لا همام (٣)


(١) وقراءة قتادة، ونصر بن عاصم. انظر: (الإتحاف ٣٠٧، البحر المحيط ٢٧٣/ ٦).
(٢) وقراءة الحسن، وقعنب، وابن أبى عبلة. انظر: (الفراء ١٩٠/ ٢، الكشاف ٥٥١/ ٢، مجمع البيان ٢٧/ ٧، البحر المحيط ٢٧٥/ ٦).
(٣) قال فى أساس البلاغة «هم»، وهم بالأمر، ولا همام لى، أى لا أهمّ، قال الكميت: عاد لا غيرهم من الناس طرا بهم لا همام لى لا همام

<<  <  ج: ص:  >  >>