للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} (١)، ومنه قوله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً} (٢)، أى: يحضر أحدهما فيخلف الآخر، بأن ينقض حاله ويستأثر بالأمر دونه. والهاء فى «يخلفه» عائدة على «أن تقول لا مساس»، أو «لا مساس».

***

{لَنُحَرِّقَنَّهُ} (٩٧)

ومن ذلك قراءة علىّ وابن عباس عليهما السلام وعمرو بن فائد: «لنحرقنّه» (٣)، بفتح النون، وضم الراء.

قال أبو الفتح: حرقت الحديد: إذا بردته، فتحّا وتساقط، ومنه قولهم: إنه ليحرق علىّ الأرّم؛ أى: يحك أسنانه بعضها ببعض غيظا علىّ. قال (٤):

نيوبهم علينا يحرقونا

وقال زهير (٥):

أبى الضّيم والنعمان يحرق نابه … عليه فأفضى والسّيوف معاقله

وأنشد أبو زيد، ورويناه عنه:

نبّئت أحماء سليمى أنّما … باتوا غضابا يحرقون الأرّما

إن قلت أسقى عاقلا فأظلما … جونا وأسقى الحرّتين الدّيما (٦)

فكأن «لنحرقنّه» على هذا: لنبردنّه ولنحتّنّه حتّا، ثم لننسفنّه فى اليمّ نسفا.


(١) سورة الإسراء الآية (٧٢).
(٢) سورة الفرقان الآية (٦٢).
(٣) وقراءة أبى جعفر، وابن وردان، والأعمش، وحميد، وابن محيصن، وأشهب العقيلى. انظر: (الإتحاف ٣٠٧، الطبرى ١٥٣/ ١٦، القرطبى ٢٤٢/ ١١، الكشاف ٥٥٢/ ٢، النشر ٣٢٢/ ٢، الفراء ١٩١/ ٢، البحر المحيط ٢٧٦/ ٦، تحبير التيسير ١٤١، التبيان ١٨٢/ ٧).
(٤) هو عامر بن شقيق الضبى.
(٥) من قصيدته يمدح حصن بن حذيفة بن بدر، مطلعها: صحا القلب عن سلمى واقصر باطله وعرّى أفراس الصبا ورواحله انظر: (ديوانه ٦٤).
(٦) انظر: (أساس البلاغة «حرق»، النوادر ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>