للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على فعل مفتوحها، وذلك قولهم: النفض للمصدر والنفض للمنفوض، والخبط المصدر والخبط الشئ المخبوط، والطّرد المصدر والطّرد المطرود. وإن كان قد يستعمل مصدرا، نحو الحلب والحلب. فقراءة الجماعة: {كانَتا رَتْقاً} كأنه مما وضع من المصادر موضع اسم المفعول، كالصّيد فى معنى المصيد، والخلق بمعنى المخلوق.

وأما «رتقا»، بفتح التاء فهو المرتوق، أى: كانتا شيئا واحدا مرتوقا، فهو إذا كالنّفض والخبط، بمعنى المنفوض والمخبوط. ونحو من ذلك مجيئهم بالمصدر على فعل مفتوح الفاء، واسم المفعول على فعل بكسرها، نحو رعيت رعيا والرّعى: المرعىّ، وطحنت الشئ طحنا، والطحن: المطحون، ونقضت الشئ نقضا، والنّقض: التعب، فكأنه منقوض، وسوغ الانحراف عن المصدر تارة إلى فعل والأخرى إلى فعل-تعاقب فعل وفعل فى أماكن صالحة على المعنى الواحد، وهو المثل والمثل، والبذل والبدل، والشّبه والشّبه. ومن المعتل القيل والقال، والرّير والرّار، والكيح والكاح، والقير والقار.

وقالوا أيضا صغوه معك وصغاه معك، وكذلك عندى ما عدلوا بفعل تارة إلى فعل، وأخرى إلى فعل، وذلك قولهم: بنت على فعل وأخت على فعل. وأصل كل واحد منهما فعل: بنو، وأخو، فلما نالوا إلى التأنيث جاءوا «ببنات» على فعل، و «أخت» على فعل؛ فصارا فى التقدير بنو وأخو، ثم أبدلوا الواو تاء كتجاه وتراث، فصارتا بنتا وأختا.

وقد مالوا أيضا ببعضه إلى فعل، فقالوا: هنت، وأصله فعل: هنو، فأصاروه إلى هنو، ثم أبدلوا الواو تاء، فقالوا: هنت. وقابل ذلك أيضا من كلامهم ما كان فيه ثلاث لغات، نحو الشّرب والشّرب والشّرب، والزّعم والزّعم والزّعم. وقالوا شنئته شنئا وشنئا وشنئا. وقال أبو عبيدة: هو قطب الرحى وقطب وقطب، فهذا طريق مقابلة صنعة اللغة، ولفظة واحدة منه فى هذا الحد، وعلى هذا التّنبّه وتدارك الوضع-يقوم مقام كتاب لغة يحفظ، هكذا سردا، ولا تبلّ النفس بنحو ذلك من لطيف الصنعة فيه يدا.

***

{أَتَيْنا} (٤٧)

ومن ذلك قراءة ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والعلاء بن سيابة وجعفر بن محمد وابن سريج الأصبهانى (١): «آتينا بها»، بالمد (٢).

&


(١) وقع فى البحر المحيط: «ابن شريح الأصبهانى».
(٢) وقراءة ابن أبى إسحاق، وعكرمة. انظر: (القرطبى ٢٩٤/ ١١، مجمع البيان ٥٠/ ٧، الكشف ٥٧٥/ ٢، البحر المحيط ٣١٦/ ٦، العكبرى ٧٣/ ٢، التبيان ٢٢٤/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>