للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: أما «حرم» فالماضى من حرم، كقلق من قلق، وبطر من بطر.

قالوا: حرم زيد، وهو حرم وحارم: إذا قمر ماله، وأحرمته: قمرته. قال زهير (١):

وإن أتاه خليل يوم مسألة … يقول لا غائب مالى ولا حرم

وأما «حرم» فأمره فى الاستعمال ظاهر.

ومن جهة أحمد بن يحيى: «وحرم على قرية»، أى: واجب وحرام، معناه: حرّم ذلك عليها، فلا تبعث إلى يوم القيامة. وهذا على زيادة «لا»، وحرم الرجل: إذا لجّ فى شئ ومحك وأما «حرم» فمن حرمته الشئ: إذا منعته إياه، فقد عاد إذا إلى معنى: «وحرام على قرية».

وأما «حرم»، بفتح الحاء، وتسكين الراء فمخفف من حرم على لغة بنى تميم، فهو كبطر من بطر، وفخذ من فخذ، وكلمة من كلمة. وقال أبو وعلة:

لا تأمنن قوما ظلمتهم … وبدأتهم بالشّرّ والحرم

فكسر، فهذا يصلح أن يكون من معنى اللجاج والمحك، ويصلح أن يكون من معنى الحرمان، أى: ناصبتهم وحرمتهم إنصافك.

***

{حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} (٩٦)

ومن ذلك قراءة ابن مسعود: «من كلّ جدث ينسلون» (٢).

قال أبو الفتح: هو القبر بلغة أهل الحجاز، والجدف بالفاء لبنى تميم. وقالوا: أجدثت له جدثا، ولم يقولوا: أجدفت، فهذا يريك أن الفاء فى «جدف» بدل من الثاء فى جدث. ألا ترى الثاء أذهب فى التصرف من الفاء؟ وقد يجوز أن يكونا أصلين، إلا أن أحدهما أوسع تصرفا من صاحبه، كما قالوا: وكّدت عهده وأكّدته، إلا أن الواو أوسع تصرفا من الهمزة. ألا تراهم قالوا: قد وكد وكده؛ أى: شغل به، ولم يقولوا: أكد أكده؟ فالواو إذا أوسع تصرفا، وعليه قالوا: مودّة وكيدة، ولم يقولوا: أكيدة.


(١) انظر: (ديوانه ١٥٣، أمالى أبى على القالى ١٩٦/ ١).
(٢) وقراءة ابن عباس، ومجاهد، وأبى الصهباء. انظر: (القرطبى ٣٤٢/ ١١، البحر المحيط ٣٣٩/ ٦، الكشاف ٥٨٤/ ٢، مجمع البيان ٤٣/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>