للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففيه شيئان يؤنّسان، وواحد يوحش منه.

أما المؤنسان: فأحدهما: أنه تأنيث لفظى لا حقيقى، والآخر: أنه لا علامة تأنيث فى لفظه.

وأما الموحش، فهو أن الفاعل مضمر، وإذا أضمر الفاعل فى فعله وكان الفاعل مؤنثا لم يحسن تذكير فعله حسنه إذا كان مظهرا؛ وذلك أن قولك: قام هند أعذر من قولك: هند قام، من قبل أن الفعل منصبغ بالفاعل المضمر فيه أشد من انصباغه به إذا كان مظهرا بعده. فقام هند-على صبغة-أقرب مأخذا من هند قام لما ذكرناه؛ وذلك أنك إذا قلت: قام، فإلى أن تقول: هند، فاللفظ الأول مقبول غير ممجوج؛ لأن الفعل أصل وضعه على التذكير، فإذا قلت: هند قام، فالتذكير الآتى من بعد مخالف للتأنيث السابق فيما قبل، فالنفس تعافه لأول استماعه. وقولك: قام هند، النفس تقبل تذكير الفعل أول استماعه إلى أن يأتى التأنيث فيما بعد. وقد سبق تذكير الفعل على لفظ غير مأبىّ ولا مرذول، وردّ الغائب ليس كاستئناف الحاضر، فذلك فرق.

***

{وَالْآصالِ} (٣٦)

ومن ذلك قراءة سعيد بن جبير وأبى مجلز: «والإيصال» (١).

قال أبو الفتح: يريد وقت الإيصال، وهو قبل الغروب. وقد مضى القول عليه.

***

{كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ} (٣٩)

ومن ذلك ما حكاه عبد الله بن إبراهيم العمّى الأفطس، قال: سمعت مسلمة يقرأ: «كسراب بقيعات»، بالألف (٢).

قال أبو الفتح: كذلك فى كتاب ابن مجاهد: «بقيعاة» (٣)، بالهاء بعد الألف. والذى قاله جائز؛ وذلك أن نظير قولهم: قيعة وقيعاة فى أنه فعلة وفعلاة لمعنى واحد قولهم: رجل عزه وعزهاة: الذى لا يقرب النساء واللهو، فهذا فعل وفعلاة، وذلك فعلة وفعلاة، ولا فرق بينهما غير الهاء، وذلك ما لا بال به.


(١) انظر: (البحر المحيط ٤٥٨/ ٦، الرازى ٤/ ٢٤، التبيان ٣٨٩/ ٧).
(٢) انظر: (القرطبى ٢٨٣/ ١٢، البحر المحيط ٤٦٠/ ٦).
(٣) ونسبها إلى مسلمة بن محارب. انظر: (الآلوسى ١٨٠/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>