للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخصائص (١) أول باب منه، وهو باب القول على فرق بين الكلام والقول.

ويشهد لمن قال فى قوله: {تُكَلِّمُهُمْ} إلى أنه من الكلام قراءة أبى: «تنبّئهم» (٢)، ويشهد لهذا التأويل أيضا قراءة ابن مسعود: «تكلّمهم بأنّ النّاس كانوا بآياتنا لا يوقنون» (٣). وإن شئت كان هذا شاهدا لمن ذهب إلى أن «تكلّمهم»: تجرحهم، أى: تفعل بهم ذلك بكفرهم، وزوال يقينهم.

***

{وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ} (٨٧)

ومن ذلك قراءة قتادة: «وكلّ أتاه داخرين» (٤).

قال أبو الفتح: حمل «أتاه» على لفظ «كلّ»؛ إذ كان مفردا، و «داخرين» على معناها. ولو قلب ذلك لم يحسن، لو قال: وكلّ أتوه داخرا قبح وضعف؛ وذلك أنك لمّا قلت: وكلّ، فقد جئت بلفظ مفرد، فإذا قلت: أتوه فقد حملت على المعنى وانصرفت عن اللفظ، ثم إذا قلت: من بعد داخرا، فأفردت فقد تراجعت إلى ما انصرفت عنه، فكان ذلك قلقا فى الصنعة وانتكاثا عن المحجة المصير إليها المعتزمة.

وعلى ذلك قول الله سبحانه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} (٥). فلو قال: من بعد: حتى إذا خرج من عندك لم يحسن؛ وذلك لأنه قد ترك لفظ «مَنْ» إلى معناها بقوله: «يَسْتَمِعُونَ». فلو عاد إليه بعد انصرافه عنه فقال: خرج عاد إلى ما كان قد رغب عنه، واعتزم غيره عوضا منه. وكذلك قول الفرزدق (٦):


(١) انظر: (الخصائص ٦/ ١).
(٢) انظر: (القرطبى ٢٣٧/ ١٣، الكشاف ١٦٠/ ٣، الرازى ٢١٨/ ٢٤، الكشف ١٦٧/ ٢، البحر المحيط ٩٧/ ٧).
(٣) انظر: (القرطبى ٢٣٨/ ١٣، التبيان ١٠٧/ ٨، البحر المحيط ٩٧/ ٧، الرازى ٢١٨/ ٢٤، الحجة المنسوب لابن خالويه ٥٣٨).
(٤) انظر: (القرطبى ٢٤١/ ١٣، الكشاف ٢٢٠/ ٢٤، الرازى ١٦١/ ٣).
(٥) سورة يونس الآية (٤٢).
(٦) من قصيدته التى مطلعها: وأطلس عسال وما كان صاحبا دعوت بنارى موهنا فأتانى انظر: (ديوانه ٣٢٩/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>