للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ} (٨٢)

ومن ذلك قراءة يعقوب: «ويك»، يقف عليها، ثم يبتدئ (١)، فيقول: «أنه»، وكذلك الحرف الآخر مثله.

قال أبو الفتح: فى «ويكأنّه» ثلاثة أقوال:

منهم من جعلها كلمة واحدة، فقال: «ويكأنّه»، فلم يقف على «وى».

ومنهم من يقف على «وى».

ويعقوب على ما مضى-يقول: «ويك»، وهو مذهب أبى الحسن.

والوجه فيه عندنا قول الخليل وسيبويه (*١)، وهو أنّ «وى» على قياس مذهبهما اسم سمى به الفعل فى الخبر، فكأنه اسم أعجب، ثم ابتدأ فقال: «كأنه لا يفلح الكافرون»، و «وى كأنّ الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده». ف‍ «كأنّ» هنا إخبار عار من معنى التشبيه، ومعناه: أن الله يبسط الرزق لمن يشاء. و «وى» منفصلة من «كأنّ» وعليه بيت الكتاب (٢):

وى كأن من يكن له نشب يح‍ … بب ومن يفتقر يعش عيش ضر

ومما جاءت فيه «كأن» عارية من معنى التشبيه ما أنشدناه أبو على:

كأنّنى حين أمسى لا تكلّمنى … متيّم يشتهى ما ليس موجودا

أى: أنا حين أمسى «متيم» من حالى كذا وكذا.

ومن قال: إنها «ويك» فكأنه قال: أعجب لأنه لا يفلح الكافرون، وأعجب لأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده، وهو قول أبى الحسن. وينبغى أن تكون الكاف هنا حرف خطاب لا اسما، بل هى بمنزلة الكاف فى ذلك وأولئك؛ وذلك أنّ «وى» ليست مما يضاف.


(١) وقراءة أبى عمرو. انظر: (الإتحاف ٣٤٤، النشر ١٥١/ ٢، الكشف ١٧٦/ ٢، التبيان ١٦٠/ ٨، مجمع البيان ٢٦٤/ ٧، الآلوسى ١٢٤/ ٢٠).
(*١) نص سيبويه فى الكتاب ١٥٠/ ٢: وسألت الخليل من قوله: وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ، وعن قوله تعالى جده: وَيْكَأَنَّ اللهَ، فزعم أن «وى» مفصولة من كأن، والمعنى وقع على أن القوم انتبهوا، فتكلموا على قدر علمهم، أو نبهوا، فقيل لهم: أما يشبه أن يكون هذا عندكم هكذا؟.
(٢) لزيد بن عمرو بن نفيل. انظر: (الكتاب ١٥٥/ ٢، مجالس ثعلب ٣٨٩، الخصائص ٤٣/ ٣،١٧١، شرح المفصل ٧٦/ ٤، همع الهوامع ١٠٦/ ٢، شرح شواهد الشافية ٣٣٩/ ٤، خزانة الأدب ٩٥/ ٣،٩٦، شرح الأشمونى ١٩٩/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>