للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: المشهور المجمع عليه فى ذلك: {مِنْسَأَتَهُ،} و «منساته» (١): بالهمز: وبالبدل من الهمز، وهى العصا: مفعلة، من نسأت الناقة والبعير: إذا زجرته. قال الفراء: هى العصا العظيمة تكون مع الراعى، وأنشد أبو الحسن:

إذا دببت على المنساة من كبر … فقد تباعد عنك اللهو والغزل (٢)

وقال الفراء: هى من سئة القوس، وهى مهموزة. وقال غيره: أسأيت القوس، فالمحذوف من «سئة» هو اللام، وأن يكون ياء أجدر؛ لغلبة الياء على اللام، وكان رؤبة يهمز سئة القوس.

قال الفراء: ولم تقرأ «من سأته»، ولم تثبت عنده قراءة سعيد بن جبير. قال: ويجوز فيها سئة وسأة، وشبهها بالقحة والقحة، والضّعة والضّعة. وبعد فالتفسير إنما هو على العصا لا سئة القوس، وهى من ن سء، فإن كانت «السّأة» من نسأت فهى علة، والفاء محذوفة. وهذا الحذف إنما هو من هذا الضرب فى المصادر، نحو: العدة، والزّنة، والضّعة، والقحة. وذلك مما فاؤه واو لا نون، ولم يمرر بنا ما حذفت نونه وهى فاء. وسئة القوس: فعة، واللام محذوفة كما ترى.

قال أبو حاتم: إن ابن أبى إسحاق سأل أبا عمرو: لم تركت همز «منساته»؟ فقال: وجدت لها فى كتاب الله أمثالا: {هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} (٣)، و {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} (٤). وقال هارون: كان أبو عمرو يهمز، ثم تركها.

قول أبى عمرو: «خير البريّة»، و «لترونّ»، يريد أن «البرية» من برأ الله الخلق، فترك همزها تخفيفا. وكذلك «لترون»، يريد تخفيف همز «ترى»؛ لأن أصلها ترأى فاجتمع على تخفيف الهمزتين فى الموضعين. ولا يريد أن واو «لترون» غير مهموزة؛ وذلك لأن همز هذه الواو لضمتها شاذ من حيث كانت الحركة لالتقاء الساكنين، وليست بلازمة.


(١) قراءة نافع وأبى عمرو، وأبى جعفر، واليزيدى، والحسن، وزيد، ويعقوب. انظر: (الفراء ٣٥٦/ ٢،٣٥٧، مجمع البيان ٣٨٠/ ٨، التبيان ٣٤٧/ ٨، الطبرى ٥٠/ ٢٢، القرطبى ٢٧٩/ ١٤، الكشاف ٢٨٣/ ٣، التيسير ١٨٠، تحبير التيسير ١٦١، الإتحاف ٣٥٨، السبعة ٥٢٧، النشر ٣٤٩/ ٢، الكشف ٢٠٣/ ٢، غيث النفع ٣٢٧، الحجة المنسوب لابن خالويه ٢٩٣، الحجة لأبى زرعة ٥٨٤، البحر المحيط ٢٦٧/ ٧، لسان العرب «نسأ»، العنوان ١٥١، النحاس ٦٦١/ ٢).
(٢) انظر: (لسان العرب «نسأ»، البحر المحيط ٢٥٥/ ٧).
(٣) سورة البينة الآية (٧).
(٤) سورة التكاثر الآية (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>