للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأبو رجاء والحسن-بخلاف-وأبو صالح وسلام ويعقوب وابن أبى ليلى والكلبى.

قال أبو الفتح: أما «بعّد» و «باعد بين أسفارنا» فإن «بين» فيه منصوب نصب المفعول به، كقولك: بعّد وباعد مسافة أسفارنا، وليس نصبه على الظرف، يدلك على ذلك قراءة من قرأ: «بعد بين أسفارنا»، كقولك: بعد مدى أسفارنا، فرفعه دليل كونه اسما، وعليه قوله:

كأنّ رماحهم أشطان بئر … بعيد بين جاليها جرور (١)

أى: بعيد مدى جاليها، أو مسافة جاليها. ويؤكد كون «بين» هنا اسما لا ظرفا أن بعّد وباعد فعلان متعديان، فمفعولهما معهما، وليس «بين» هاهنا مثلها فى قولك: جلست بين القوم؛ لأن معناه جلست فى ذلك الموضع وليس يريد هنا بعّد أو باعد فيما بين أسفارنا شيئا.

قال أبو حاتم: وزعموا أن العمارة اتصلت ببلادهم، فأرادوا أن يسيروا على رواحلهم فى الفيافى، فدعوا على أنفسهم، فهو قوله سبحانه: {وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} (٢).

كان شيخنا أبو على يذهب إلى أن أصل «بين» أنها مصدر بان يبين بينا، ثم استعملت ظرفا اتساعا وتجوّزا، كمقدم الحاج، وخلافة فلان. قال: ثم استعملت واصلة بين الشيئين، وإن كانت فى الأصل فاصلة؛ وذلك لأن جهتيها وصلتا ما يجاورهما بها، فصارت واصلة بين الشيئين. هذا معنى قوله، وجماع مراده فيه. وعليه قراءة من قرأ: «لقد تقطع بينكم»، بالرفع، أى: وصلكم. وأجاز أبو الحسن فى قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ،} بالفتح أن يكون فى موضع رفع، إلاّ أن فتحة الظرف لزمته، والمراد الرفع. ويمكن عندى أن يكون قوله (٣):

وإنّى وقفت اليوم والأمس قبله … ببابك حتّى كادت الشّمس تغرب

المراد فيه: وأمس، إلا أنه أدخل اللام عليه، فعرّفه بها، وتركه على ما كان عليه من كسره المعتاد فيه، وإن كان قد أعربه فى المعنى بإبراز لام التعريف-إلى لفظه الذى كان إنما يبنى لتضمنها. وإن حملته على زيادة لام التعريف مثلها فى الآن-فمذهب


= ٢٨٦/ ٣، --النشر ٣٥٠/ ٢، الإتحاف ٣٥٩، العكبرى ١٠٦/ ٢، النحاس ٦٦٦/ ٢، التبيان ٣٥١/ ٨، مجمع البيان ٣٨٤/ ٨، البحر المحيط ٢٧٢/ ٧،٢٧٣، تحبير التيسير ١٦٢).
(١) انظر: لسان العرب «بين».
(٢) سورة الأنعام الآية (٩٤).
(٣) نسبة فى لسان العرب «أمس» لنصيب. وانظر: (الخصائص ٣٩٥/ ١،٥٩/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>