للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيا ليتنى من بعد فاطا وأهلها … هلكت ولم أسمع بها صوت إيسان (١)

ورواه أيضا: من بعد ما طاف أهلها، وقال: معناه صوت إنسان.

ويحتمل ذلك عندى وجها آخر ثالثا، وهو أن يكون أراد يا إنسان، إلا أنه اكتفى من جميع الاسم بالسين، فقال: ياسين، ف‍ «يا» فيه الآن حرف نداء، كقولك: يا رجل. ونظير حذف بعض الاسم قول النبى صلّى الله عليه وسلّم: «كفى بالسيف شا» أى: شاهدا، فحذف العين واللام. وكذلك حذف من إنسان الفاء والعين، غير أنه جعل ما بقى منه اسما قائما برأسه، وهو السين، فقيل: ياسين، كقولك: لو قست عليه فى نداء زيد: يا دال.

ويؤكد ذلك ما ذهب إليه ابن عباس فى {حم عسق} (٢) ونحوه أنها حروف من جملة أسماء الله «عز وجل»، وهى: رحيم، وعليم، وسميع، وقدير. ونحو ذلك. وشبيه به قوله (٣):

قلنا لها قفى لنا قالت قاف

أى: وقفت، فاكتفت بالحرف من الكلمة.

***

{فَأَغْشَيْناهُمْ} (٩)

ومن ذلك قراءة ابن عباس وعكرمة وابن يعمر ويزيد البربرى وعمر بن عبد العزيز ويزيد بن المهلب والنخعى وابن سيرين، بخلاف: «فأعشيناهم» (٤).

قال أبو الفتح: هذا منقول من عشى يعشى: إذا ضعف بصره فعشى وأعشيته، كعمى وأعميته. وأما قراءة العامة: {فَأَغْشَيْناهُمْ} فهو على حذف المضاف، أى: فأغشينا أبصارهم: جعلنا عليها غشاوة.

وينبغى أن يعلم أن «غ ش ى» يلتقى معناها مع «غ ش و»؛ وذلك أن الغشاوة على العين كالغشى على القلب، كل منهما يركب صاحبه ويتجلله، غير أنهم خصوا ما


(١) الإنسان لغة فى الإنسان «لغة طيئ».
(٢) سورة الشورى الآيتان (١،٢).
(٣) الوليد بن عقبة بن أبى معيط. انظر: (شرح شواهد الشافية ٢٦١/ ٤، الخصائص ٣١/ ١).
(٤) وقراءة الحسن وأبى رجاء، وزيد بن علىّ، وأبى حنيفة. انظر: (الفراء ٢٧٣/ ٢، الطبرى ٩٩/ ٢٢، القرطبى ١٠/ ١٥، الكشاف ٣١٦/ ٣، مجمع البيان ٤١٤/ ٨، النحاس ٧١١/ ٢، التبيان ٤٠٩/ ٨، الآلوسى ١١٥/ ٢٢، الإتحاف ٣٦٣، البحر المحيط ٣٢٥/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>