قال ابن حجر: ووقع فى رواية عمارة بن غزية: أن زيد بن ثابت قال: فأمرنى أبو بكر، فكتبته فى قطع الأديم والعسب، فلما توفى أبو بكر، وكان عمر كتب ذلك فى صحيفة واحد، فكانت عنده، قال: والأول أصح، إنما كان فى الأديم والعسب أولا قبل أن يجمع فى عهد أبى بكر، ثم جمع فى الصحف فى عهد أبى بكر كما دلت عليه الأخبار الصحيحة المترادفة.
قال الحاكم: والجمع الثالث: هو ترتيب السور فى زمن عثمان.
روى البخارى عن أنس أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازى أهل الشام فى فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم فى القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل إلى حفصة أن أرسلى إلينا الصحف ننسخها فى المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها فى المصاحف.
وقال عثمان للرهط القريشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فى شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف فى المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن فى كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
قال زيد: ففقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها فالتمسناها، فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصارى، فألحقناها فى سورتها فى المصحف.
قال ابن حجر: وكان ذلك فى سنة خمس وعشرين، قال: وغفل بعض من أدركناه، فزعم أنه كان فى حدود سنة ثلاثين، ولم يذكر له مستندا، انتهى.
وأخرج ابن اشتة من طريق أيوب، عن أبى قلابة، قال: حدثنى رجل من بنى عامر يقال له أنس بن مالك، قال: اختلفوا فى القرآن على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون، فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فقال: عندى تكذبون به، وتلحنون فيه، فمن نأى عنى كان أشد تكذيبا وأكثر لحنا يا أصحاب محمد، اجتمعوا، فاكتبوا للناس إماما فاجتمعوا، فكتبوا، فكانوا إذا اختلفوا فى أى آية، قالوا: هذه أقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلانا، فيرسل إليه، وهو على رأس ثلاث من المدينة، فيقال له: كيف أقرأك رسول الله صلى الله عليه وسلم آية كذا وكذا؟ فيقول كذا وكذا، فيكتبونها، وقد تركوا لذلك مكانا.
وأخرج ابن أبى داود من طريق محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح، قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اننى عشر رجلا من قريش والأنصار، فبعثوا إلى الرابعة التى فى