للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{السّاعَةَ،} ثم قال: «إن تأتهم بغتة فقد جاء أشراطها» فأجاب الشرط بقوله: {فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها} فإن قلت: فإن الشرط لا بد فيه من الشك، وهذا موضع محذوف عنه الشك البتة. ألا ترى إلى قوله تعالى: {أَنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها،} وغير ذلك من الآى القاطعة بإتيانها؟.

قيل: لفظ الشك من الله سبحانه، ومعناه منا، أى: إن شكّوا فى مجيئها بغتة فقد جاء أشراطها، أى: أعلامها، فهلا توقعوها وتأهبوا لوقوعها مع دواعى العلم بذلك لهم إلى حال وقوعها. فنظيره مما اللفظ فيه من الله تعالى، ومعناه منّا-قوله تعالى: {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ،} أى: يزيدون عندكم أنتم؛ لأنكم لو رأيتم جمعهم لقلتم أنتم: هؤلاء مائة ألف، أو يزيدون. وقد مضى هذا مشروحا فيما قبل.

***

{بَغْتَةً} (١٨)

ومن ذلك قراءة أبى عمرو فى رواية هارون بن حاتم (١) عن حسين عنه: «بغتّة» (٢).

قال أبو الفتح: فعلّة مثال لم يأت فى المصادر ولا فى الصفات أيضا، وإنما هو مختص بالاسم، منه الشربّة: اسم موضع. أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أبى العباس أحمد ابن يحيى: يقول عبد الله بن الحجاج التغلبى لعبد الملك بن مروان فى خبر له معه:

ارحم أصيبيتى الّذين كأنّهم … حجلى تدرّج بالشّربّة وقّع (٣)

ومنه الجربّة: الجماعة. قال:

جريّة كحمر الأبكّ … لا ضرع فيها ولا مذكّى (٤)

وجاء بلا تاء فى الاسم أيضا، وهو معدّ، وهبىّ وهو الصبّى الصغير. ولا بدّ من إحسان الظن بأبى عمرو، ولا سيما وهو القرآن، وما أبعده عن الزيغ والبهتان!.

***


(١) هارون بن حاتم التميمى، أبو بشر البزار: من قدماء المؤرخين، مقرئ، له اشتغال بالحديث. من أهل الكوفة أخذ القراءات عنه جماعة. انظر: (ميزان الاعتدال ٢٤٦/ ٣، ولسان الميزان ١٧٧/ ٦، وطبقات القراء ٣٤٥/ ٢، ومخطوطات الظاهرية ٩٤/ ٩٣، الأعلام ٦٠/ ٨).
(٢) انظر: (القرطبى ٢٤١/ ١٦، البحر المحيط ٨٠/ ٨، الآلوسى ٥٢/ ٢٦).
(٣) انظر: لسان العرب «صبا».
(٤) انظر: لسان العرب «جرى».

<<  <  ج: ص:  >  >>