للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنما يفعلون ذلك لله، إلا أنها أفخم معنى من قوله: «لله»، أى: إنما المعاملة فى ذلك معه، فهو أعلى لها وأرجح بها.

***

{أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ} (٢٩)

ومن ذلك قراءة الحسن: «أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم» (١).

قال أبو الفتح: نصبه على الحال، أى: «محمد رسول الله والذين معه»، ف‍ «معه» خبر عن الذين آمنوا، كقولك: محمد رسول الله علىّ معه، ثم نصب «أشداء» و «رحماء» على الحال، أى: هم معه على هذه الحال، كقولك: زيد مع هند جالسا، فتجعله حالا من الضمير فى معه؛ لأمرين:

أحدهما: قربه منه، وبعده عن زيد.

والآخر: ليكون العامل فى الحال-أعنى الضمير-هو العامل فى صاحب الحال، أعنى الظرف.

ولو جعلته حالا من «الذين» كان العامل فى الحال غير العامل فى صاحبها، وإن كان ذلك جائزا، كقوله تعالى: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً} (٢)، إلا أن الأول أوجه. وإن شئت نصبت أشداء ورحماء على المدح، وأصف وأزكّى أشدّاء ورحماء.

وكسّر رحيم على رحماء-فعلاء-وشديد على أشدّاء-أفعلاء-كراهية التضعيف فى أشدّاء، وقد وجدوا له نظيرا على أفعلاء، وهو صديق وأصدقاء، ووضيع وأوضعاء، كما عدلوا بالمعتل اللام عن فعلاء إلى أفعلاء، فقالوا: صفىّ وأصفياء، ووفىّ وأوفياء، كراهية لصفواء ووفياء؛ لما يجب من الاعتذار من ترك قلب الواو والياء؛ لتحركهما وانفتاح ما قبلهما. فهذا ونحوه مما يدلك ويبصّرك أنهم لا يتنكبون شيئا إلى آخر تطرّبا ولا تبدّلا، لا بل إنعاما وتأمّلا.

***

{شَطْأَهُ} (٢٩)

ومن ذلك قراءة عيسى الهمدانى-بخلاف-: «شطاءه»، ممدود، مهموز (٣).


(١) انظر: (القرطبى ٢٩٣/ ١٦، مجمع البيان ١٢٥/ ٩، العكبرى ١٢٨/ ٢، الإتحاف ٣٩٦).
(٢) سورة البقرة الآية (٩١).
(٣) وقراءة أبى حيوة، وابن أبى عبلة. انظر: (الكشاف ٥٥١/ ٣، البحر المحيط ١٠٢/ ٨، العكبرى ١٢٨/ ٢، مجمع البيان ١٢٥/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>