للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فليس المراد هنا إجابتين ثنتين، ولا إسعادين اثنين. ألا ترى أن الخليل فسّره فقال: معناه كلما كنت فى أمر فدعوتنى له أجبتك إليه، وساعدتك عليه؟. فقوله: كلما يؤكد ما نحن عليه ومنه قولهم (١):

فلو كنت مولى العزّ أو فى ظلاله … ظلمت ولكن لا يدى لك بالظّلم (٢)

ألا تراه لا ينفى قوتين ثنتين، وإنما ينفى جميع قواه؟ وكذلك قول الله تعالى: {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ}. ونعم الله تعالى أكثر من أن تحصى، وكذلك قوله (٣):

إذا شقّ برد شقّ بالبرد مثله … دواليك حتّى ليس للبرد لابس (٤)

أى: مداولة بعد مداولة، وكقول العجاج (٥):

ضربا هذا ذيك وطعنا ورخضا (٦)

أى: هذّا بعد هذّ، لا هذّين اثنين ليس غير، ونظائره كثيرة.

وأما إفادة المضاف لمعنى الجنسية فقولهم: منعت العراق قفيزها ودرهمها، أى: قفزانها ودراهما، ومنعت مصر إردبّها، أى: أرادبها، ومنه قوله تعالى: {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ} (٧)، ومنه قولهم: نعم الرجلان الزيدان، وله أشباه.

***


(١) من قول الفرزدق لعمر بن لجأ، وقبله: ما أنت إن قرما تميم تساميا أخا التيم إلا كالشظية فى العظم انظر: (ديوانه ٢٧٦/ ٢).
(٢) فى الديوان ٢٧٦/ ٢: «ولو كنت مولى العز أو فى ظلاله».
(٣) لسحيم عبد بنى الحسحاس. انظر: (الكتاب ٣٥٠/ ١، ديوانه ١٦، خزانة الأدب ٢٧١/ ١، العينى ٤٠١/ ٣، شرح المفصل ١١٩/ ١، همع الهوامع ١٨٩/ ١، لسان العرب (دول)، أمالى الزجاجى ١٣١).
(٤) البرد: الثوب، ويروى: «ما لذا البرد لابس» وفى البيت إقواء لأنه من أبيات مكسورة الروى. وروى «حتى كلنا غير لابس»، وعلى هذه فلا إقواء.
(٥) انظر: (ديوانه ٣٥، الكتاب ٣٥٠/ ١، أمالى الزجاجى ١٣٢، خزانة الأدب ١٧٤/ ١، العينى ١١٩/ ٣، همع الهوامع ١٨٩/ ١، شرح ابن يعيش ١١٩/ ١) بدون نسبة، من أرجوزة يمدح بها الحجاج وذكر فيها ابن الأشعث وأصحابه.
(٦) هذا ذيك: قطعا بعد قطع. والرخض: الطعن الجائف، يعنى ضرب الأعناق وطعن الأجواف.
(٧) سورة المائدة الآية (٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>