تعالى وهو شهيد، أى: قلبه حاضر معه، ليس غرضه أن يصغى كما أمر بالإصغاء نحو القرآن، ولا يجعل قلبه إليه، إلا أن ظاهر الأمر وأكثره أنه إذا ألقى سمعه أيضا فقلبه أيضا نحوه ومعه.
وهذه القراءة المنفردة كأنها أشد تشابه لفظ؛ لأن ظاهرها أن قلبه ألقى إليه، وليس فى اللفظ أنه هو ألقاه، فاتصل بعض ببعض، فكأنه ألقى سمعه إليه وقلبه، حتى كأن ملقيا غيره ألقى سمعه إلى القرآن. وليس عجيبا أن يقال: إن قلبه عند ذلك معه؛ لأنه إذا كان هو الذى ألقاه نحوه فالعرف أن يكون قلبه معه، وهو شاهد لا غائب.
***
{وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ}(٣٨)
ومن ذلك قراءة أبى عبد الرحمن السّلمى وطلحة:«وما مسّنا من لغوب»(١)، بفتح اللام.
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على ذلك، وذكرنا رأى أبى بكر ونحوه من المصادر التى جاءت على فعول بفتح الفاء، كالوضوء، والولوغ، والطّهور، والوزوع، والقبول، وأنها صفات مصادر محذوفة، أى: توضأت وضوءا وضوءا، أى: وضوءا حسنا. وكذلك هذا؛ أى: ما مسنا من لغوب لغوب، فيصف اللغوب بأنه لغوب، أى: لغب ملغب.
***
(١) وقراءة على. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٤٥، الفراء ٨٠/ ٣، الكشاف ١٢/ ٤، مجمع البيان ١٤٨/ ٩ البحر المحيط ١٢٩/ ٨).