للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما انتصاب «واحدا» فإن شئت جعلته حالا من الضمير فى «منّا»؛ أى: أينبّأ بشر كائن منا؟ والناصب لهذه الحال الظرف، كقولك: زيد فى الدار جالسا.

وإن شئت جعلته حالا من الضمير فى قوله «نتّبعه»؛ أى: نتّبعه واحدا منفردا لا ناصر له، ويؤكده قوله: {وَقالُوا مَجْنُونٌ وَاُزْدُجِرَ} (١). ونظائره فى القرآن كثيرة، نحو قوله تعالى: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاِتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (٢)؟ وقوله: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً} (٣)؟ ونحو ذلك.

***

{الْكَذّابُ الْأَشِرُ} (٢٦)

ومن ذلك قراءة أبى قلابة «الكذّاب الأشرّ» (٤).

مجاهد: «الأشر» (٥)، بضم الشين خفيفة.

قال أبو الفتح: «الأشرّ» بتشديد الراء هو الأصل المرفوض؛ لأن أصل قولهم: هذا خير منه وهذا شرّ منه-هذا أخير منه، وأشرّ منه. فكثر استعمال هاتين الكلمتين، فحذف الهمزة منهما. ويدل على ذلك قولهم: الخورى والشّرّى، تأنيث الأخير والأشرّ. وقال رؤبة (٦):

بلال خير النّاس وابن الأخير

فعلى هذا جاءت هذه القراءة.

وأما «الأشر»، بضم الشين، وتخفيف الراء فعلى أنه من الأوصاف التى اعتقب عليها المثالان اللذان هما فعل وفعل فأشر وأشر، كحذر وحذر، ويقظ «ويقظ»، ورجل حدث وحدث: حسن الحديث، ووظيف عجر وعجر، أى: صلب. والضم أقوى معنى


(١) سورة القمر الآية (٩).
(٢) سورة الشعراء الآية (١١١).
(٣) سورة الشعراء الآية (١٨).
(٤) وقراءة أبى حيوة، وقتادة. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٤٨، الكشاف ٣٩/ ٤، مجمع البيان ١٩٠/ ٩، البحر المحيط ١٨٠/ ٨ القرطبى ١٣٩/ ١٧، التبيان ٤٥١/ ٩).
(٥) وقراءة الأزدى، وسعيد بن جبير. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٤٨، الكشاف ٣٩/ ٢، مجمع البيان ١٩٠/ ٩، البحر المحيط ١٨٠/ ٨، القرطبى ١٤٠/ ١٧).
(٦) لم نعثر على الشاهد فى ديوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>