للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: «نحسّ»؛ أى: نقتل بالعذاب. يقال: حسّ القوم يحسّهم حسّا: إذا استأصلهم. قال الله تعالى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} (١)، أى: تقتلونهم قتلا ذريعا.

***

{مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} (٥٤)

ومن ذلك قراءة ابن محيصن: «من استبرق»، بالوصل (٢).

قال أبو الفتح: هذه صورة الفعل البتة، بمنزلة استخرج، وكأنه سمّى بالفعل وفيه ضمير الفاعل، فحكى كأنه جملة، وهذا باب إنما طريقه فى الأعلام، كتأبط شرّا، وذرّى حبّا، وشاب قرناها. وليس الإستبرق علما يسمى بالجملة، وإنما هو قولك: بزيون. وعلى أنه إنما استبرق: إذا بلغ فدعا البصر إلى البرق وقال:

تستبرق الأفق الأقصى إذا ابتسمت … لاح السّيوف سوى أغمادها القضب

هذا إن شئت قلت: معناه تستبرق أبصار أهل الأفق وإن شئت قلت: تبرقه، أى: تأتى بالبرق منه.

وأما البزيون فبعيد عن هذا، اللهم إلا أن نقول: إنه لمائه وصنعته تستبرق، أى: تبرق فيكون كقرّ واستقرّ. ولست أدفع أن تكون قراءة ابن محيصن بهذا؛ لأنه توهم فعلا، إذا كان على وزنه، فتركه مفتوحا على حاله، كما توهم الآخر أن ملك الموت من معنى الملك حتى قال:

فمالك موت بالقضاء دهانى (٣)

فبنى منه صورة فاعل من الملك، وهذا أسبق ما فيه إلىّ.

***

{وَلا جَانٌّ} (٥٦)

ومن ذلك قراءة الحسن وعمرو بن عبيد: «ولا جأنّ»، بالهمز (٤).

&


(١) سورة آل عمران الآية (١٥٢).
(٢) وقراءة ورش، ورويس، وأبى جعفر، وابن جماز. انظر: (الإتحاف ٤٠٦، النشر ٤٠٩/ ١، العكبرى ١٣٥/ ٢).
(٣) انظر: (الخصائص ٧٩/ ٣،٢٧٣/ ٣).
(٤) انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>