للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه وجه آخر لطيف، وفيه الصنعة، وهو: أن يكون «جدار» تكسير جدار أيضا، فتكون ألف جدار فى الواحد، كألف كتاب وحساب، وفى الجماعة كألف ظراف وكرام. ومثله مما كسّر من فعال على فعال قولهم: ناقة هجان ونوق هجان، ودرع دلاص وأدرع دلاص. ويدل على أن هجانا ليس لفظا واحدا يقع على الواحد فما فوقه كجنب وبابه-قولهم: هجانان، وهذا واضح.

وإنما جاز تكسير فعال على فعال من حيث كانت فعال أخت فعيل. ألا ترى كل واحد منهما ثلاثيا وقبل لامه حرف لين؟ فكما كسّر فعيل على فعال كشريف وشراف، وكريم وكرام-كذلك أيضا جاز تكسير فعال على فعال، وكما أن ألف جدار فى الواحد ليست ألف جدار فى الجمع-فكذلك كسرة الجيم فيه غير كسرته فيه، وفتحة الدال فيه غير فتحته فيه، كما أن كسرة الشين فى شراف غير فتحتها فى شريف، وكما أن فتحة الدال من جدار غير كسرة الراء من شريف.

فهذا الخلاف لفظا هو الذى سوّغ اعتقاد المتفقين لفظا مختلفين تقديرا ومعنى.

وهذا غور من العربية بطين، وله نظائر كثيرة، وفيه صنعة لطيفة. وقد أفردنا له بابا فى كتابنا الخصائص فيما اتفق لفظه واختلف معناه من الحروف والحركات والسكون (١)، ومثله سواء قول الله تعالى: {وَاِجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً} (٢)، يكون «إمام» جمع إمام، على ما شرحناه فى جدار. وذهب أبو الحسن إلى أنه جمع آمّ، كقائم وقيام.

***

{الْقُدُّوسُ} (٢٣)

ومن ذلك قال ابن مجاهد وأبو حاتم عن يعقوب، قال: سمعت أعرابيا يكنى أبا الدينار عند الكسائى يقرأ: «القدّوس»، بفتح القاف (٣).

قال أبو الفتح: فعّول فى الصفة قليل، وذكر سيبويه فى الصفة السّبّوح، والقدّوس.


(١) انظر: الخصائص ٩٥/ ٢ باب فى اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين فى الحروف والحركات والسكنات.
(٢) سورة الفرقان الآية (٧٤).
(٣) وقراءة أبى السمال. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٥٥، القرطبى ٤٥/ ١٨، الكشاف ٨٧/ ٤، البحر المحيط ٢٥١/ ٨، النحاس ٤٠٦/ ٣، الآلوسى ٦٢/ ٢٨،٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>