للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروح-عن أبى اليقظان-قال: سمعت أعرابيا من بلعنبر يقرأ كذلك.

قال أبو الفتح: علة جواز ذلك أن الغرض فى هذه الحركة إنما التبلّغ بها هربا من اجتماع الساكنين، فبأى الحركات حركت أحدهما فقد وقع الغرض، ولعمرى إن الكسر أكثر، فأما ألا يجوز غيره فلا. حكى قطرب عنهم: «قم اللّيل»، «وقل الحقّ» (١)، وبع الثوب. فمن كسره فعلى أصل الباب، ومن ضم، أو كسر أيضا أتبع، ومن فتح فجنوحا إلى خفة الفتح.

***

{وَأَقْوَمُ قِيلاً} (٦)

ومن ذلك حدثنا عباس الدّورىّ عن أبى يحيى الحمّانى، عن الأعمش، عن أنس أنه قرأ: «وأقوم قيلا»، «وأصوب» (٢). فقيل له: يا أبا حمزة، إنما هى: «وأقوم قيلا»، فقال أنس: إن أقوم وأصوب وأهيأ واحد.

قال أبو الفتح: هذا يؤنّس بأن القوم كانوا يعتبرون المعانى، ويخلدون إليها، فإذا حصّلوها وحصّنوها سامحوا أنفسهم فى العبارات عنها.

ومن ذلك ما رويناه عن أبى زيد أن أبا سرّار الغنوىّ كان يقرأ: «فحاسوا خلال الديار» (٣)، بالحاء غير معجمة. فقيل له: إنما هو «جاسوا»، فقال: «حاسوا»، و «جاسوا» واحد.

ومن ذلك حكاية ذى الرّمة فى قوله:

وظاهر لها من يابس الشّخت (٤)

فقيل له: أنشدتنا بائس الشخت فقال: بائس، ويابس واحد.

وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أبى العباس أحمد بن يحيى قال: قال بعض أصحاب ابن الأعرابى له فى قول الشاعر (٥):


(١) سورة الكهف الآية (٢٩).
(٢) انظر: (الفراء ١٧٦/ ٣٠، الكشاف ١٧٦/ ٤، القرطبى ٤١/ ١٩، الآلوسى ١٠٥/ ٢٩).
(٣) سورة الإسراء الآية (٢٥).
(٤) سبق الاستشهاد به.
(٥) للمرقش الأكبر من قصيدة مطلعها:

<<  <  ج: ص:  >  >>