للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: إنما جاز هنا التضعيف للتكرير، من قبل أن الأرض بسيطة وفسيحة، فالعمل فيها مكرر على قدر سعتها، فهو كقولك: قطّعت الشاة؛ لأنه أعضاء يخص كلّ عضو منها عمل، وكذلك نظائر هذا.

***

{إِلاّ مَنْ تَوَلّى وَكَفَرَ} (٢٣)

ومن ذلك قراءة ابن عباس وزيد بن أسلم وقتادة وزيد بن على: «ألا من تولّى»، بالتخفيف (١).

قال أبو الفتح: «ألا» افتتاح الكلام، «ومن» هنا شرط، وجوابه «فيعذّبه الله»، كقولك: من قام فيضربه زيد، أى: فهو يضربه زيد. وكذلك الآية، أى: من يتولّ ويكفر فهو يعذبه الله، لا بدّ من تقدير المبتدأ هنا؛ وذلك أن الفاء إنما يؤتى بها فى جواب الجزاء بدلا من الفعل الذى يجاب به، فإذا رأيت الفاء مع الفعل الذى يصلح أن يكون جوابا للجزاء فلا بدّ من تقدير مبتدأ محذوف هناك؛ لأنه لو أريد الجواب على الظاهر لكان هناك فعل يصلح له، فكان يقول: ألا من تولّى وكفر يعذّبه الله، كقولك: من يقم أعطه درهما. ولو دخلت الفاء هنا لقلت: من يقم فأعطيه درهما، أى: فأنا، أو فهو أعطيه درهما فهو كقول الله سبحانه: {وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ} (٢)، أى: فهو ينتقم الله منه.

***

{إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ} (٢٥)

ومن ذلك قراءة أبى جعفر يزيد: «إنّ إلينا إيّابهم»، بالتشديد (٣).

قال أبو الفتح: أنكر أبو حاتم هذه القراءة، وقال: حملها على نحو: {كَذَّبُوا}


(١) انظر: (الرازى ١٤٥/ ٣١، القرطبى ٣٧/ ٢٠، البحر المحيط ٤٤٥/ ٨، الكشاف ٢٤٧/ ٤. مجمع البيان ٤٧٧/ ١٠).
(٢) سورة المائدة الآية (٩٧).
(٣) وقراءة شيبة. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٧٣، الكشاف ٢٤٨/ ٤، البحر المحيط ٤٦٥/ ٨، النشر ٤٠٠/ ٢، الإتحاف ٤٣٨، التبيان ٣٣٩/ ١٠، القرطبى ٣٨/ ٢٠، الرازى ١٦٠/ ٣١ النحاس ٦٩١/ ٣ العكبرى ٤/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>