للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} (١٤)

ومن ذلك قرأ: «فى يوم ذا مسغبة» -الحسن وأبو رجاء (١).

قال أبو الفتح: هو منصوب، ويحتمل نصبه أمرين:

أظهرهما أن يكون مفعول «إطعام»، أى: وأن تطعموا ذا مسغبة، «ويتيما» بدل منه، كقولك: رأيت كريما رجلا. ويجوز أن يكون يتيما وصفا لذا مسغبة، كقولك: رأيت كريما عاقلا، وجاز وصف الصفة الذى هو كريم؛ لأنه لما لم يجر على موصوف أشبه الاسم، كقول الأعشى (٢):

وبيداء تحسب آرامها … رجال إياد بأجيادها (٣)

فقوله: «تحسب» صفة لبيداء، وإن كانت فى الأصل صفة. وكذلك قول رؤبة:

وقاتم الأعماق خاوى المخترق (٤)

فقوله: خاوى المخترق صفة لقوله: قاتم الأعماق، وهو صفة لموصوف محذوف، أى: وبلد قاتم قاتم الأعماق، كما أن قوله: وبيداء، وربّ بيداء، ورب بلدة بيداء. فاعرف ذلك، فهذا أحد وجهى قوله: «ذا مسغبة».

والآخر أن يكون أيضا صفة، إلا أنه صفة لموضع الجار والمجرور جميعا؛ وذلك أن قوله: «فى يوم» ظرف، وهو منصوب الموضع، فيكون وصفا له على معناه دون لفظه، كما جاز أن يعطف عليه فى معناه دون لفظه فى قوله (٥):

ألا حىّ ندمانى عمير بن عامر … إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا (٦)

حتى كأنه قال: اليوم، أو غدا، وكذلك قول الآخر:


(١) انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٧٤، الإتحاف ٤٣٩، الكشاف ٢٧٧/ ٤، الرازى ١٨٥/ ٣١، البحر المحيط ٤٧٦/ ٨، النحاس ٧٠٩/ ٣).
(٢) يمدح سلامة ذى فاتش بن يزيد بن مرة الحميرى من قصيدته التى مطلعها: أجدك لم تغتمض ليلة فترقدها مع رقّادها انظر: (ديوانه ٨٨).
(٣) فى الديوان ٩١: «رجال إياد بأجلادها». آرامها: أعلامها.
(٤) سبق الاستشهاد بالشطر الأول منه فى (١٩٦/ ١).
(٥) نسبه سيبويه فى الكتاب ٦٨/ ١ لكعب بن جعيل.
(٦) الندمان: الجليس على الشراب، يقال للواحد والجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>