للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولم تزري به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف [والأشفار جمع شفر وهو طرف جفن العين الذي ينبت عليه الشعر، والوطف: الطول] وفي صوته صحل [خشونة حادة] ، وفي عنقه سطح، وفي لحيته كثاثة، أزج أقرن، ان صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سمى وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأحلاه من قريب، حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربعة لا تشنؤه من طول، ولا تقتحمه عين من قصر غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفّون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود [الذي يخدمه أصحابه ويعظمونه] محشود لا عابث ولا مفنّد [لا يخطّأ رأيه] .
قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش، لقد هممت أن أصحبه، ولأفعلنّ إن وجدت الى ذلك سبيلا.
فأصبح صوت بمكة عال يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه، وهو يقول:
جزى الله ربّ الناس خير جزائه ... رفيقين قالا خيمتي أمّ معبد
هما نزلا بالبرّ وارتحلا به ... فأفلح من أمسى رفيق محمّد
فيا لقصيّ ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا تجارى وسودد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنّكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلّبت ... له بصريح ضرّة الشّاة مزبد
فغادرها رهنا لديها لحالب ... يردّدها في مصدر ثم مورد
وقد سجّل شاعر العروبة والإسلام أحمد محرّم في ديوان مجد الإسلام هذا الحدث الجليل من خيمة أم معبد فقال: