للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي سَالِمٍ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فِينَا الْعَدَدُ وَالْعُدَّةُ وَالْمَنعَةُ، وَقَالَ مُجَمِّعُ بْنُ يَزِيدَ: مَكَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِينَا اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ قَدِ اجْتَمَعَتْ فَتَلَقَّوْهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَمَشَوْا حَوْلَ نَاقَتِهِ

لَا يَزَالُ أَحَدُهُمْ يُنَازِعُ صَاحِبَهُ زِمَامَ النَّاقَةِ شُحًّا عَلَى كَرَامَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وسلّم وتعظيما له، ولكما مَرَّ بِدَارٍ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ دَعَوْهُ إِلَى الْمَنْزِلِ، فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ إِنَّمَا أَنْزِلُ حَيْثُ أَنْزَلَنِي اللهُ [تَعَالَى] [ (١٥) ] ، فَلَمَّا انْتَهَتْ بِهِ النَّاقَةُ إِلَى بَابِ بَنِي أَيُّوبَ بَرَكَتْ عَلَى الْبَابِ، فَنَزَلَ فَدَخَلَ بَيْتَ أَبِي أَيُّوبَ فَنَزَلَ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَهُ فِي سُفْلِ [ (١٦) ] بَيْتِهِ وَظَهَرَ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى أَعْلَى الْبَيْتِ، فَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ فِي الْعُلُوِّ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي السُّفْلِ، فَتَذَكَّرَ أَبُو أَيُّوبَ مَنْزِلَهُ فَوْقَ رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَبَاتَ سَاهِرًا يَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فِي اللَّيْلِ فَيَسْتَأْمِرَهُ فِي التَّحْويلِ وَيُعَظِّمَ أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهُ فَوْقَ رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ [ (١٧) ] . فَلَمْ يَزَلْ سَاهِرًا حَتَّى أَصْبَحَ، فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَكُونَ قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي. أَنِّي كُنْتُ سَاكِنًا فَوْقَ رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَيَنْتَثِرُ التُّرَابُ مِنْ وَطْءِ أَقْدَامِنَا عَلَيْكَ، وَإِنَّ أَطْيَبَ لِنَفْسِي أَنْ أَكُونَ تَحْتَكَ فِي أَسْفَلِ الْبَيْتِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ:

السُّفْلُ أَرْفَقُ بِنَا وَبِمَنْ يَغْشَانَا، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ حَتَّى انْتَقَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ إِلَى الْعُلُوِّ، وَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ سَاكِنًا فِي بَيْتِ أَبِي أَيُّوبَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ وَيَأْتِيهِ فِيهِ جِبْرِيلُ حَتَّى ابْتَنَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وسلّم مسجده ومسكنه» [ (١٨) ] .


[ (١٥) ] ليست في (هـ) .
[ (١٦) ]
روى ابن إسحق، ومسلم عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم في بيتي نزل في السّفل وأنا وأم أيوب في العلو، فقلت لَهُ: يَا نَبِيَّ اللهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إني لأكره ان أكون فوقك، وتكون تحتي، فأظهر فكن في العلو، وننزل نحن فنكون في السّفل، فقال: إنّ أَرْفَقُ بِنَا، وَبِمَنْ يَغْشَانَا أن نكون في سفل البيت» .
[ (١٧) ] الزيادة من (ص) و (هـ) .
[ (١٨) ]
رواه الترمذي وصحّحه، وتكملة الخبر: