قال: فأكلناه ولم نضع له تلك الشجرة بعد. وفي كتاب أخبار المدينة ليحيى بن الحسن، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم على أبي أيوب لم يدخل منزل رسول الله هدية وأول هدية دخلت بها عليه قصعة مثرودة خبز برّ وسمنا ولبنا، فأضعها بين يديه، فقلت، «يا رسول الله أرسلت بهذه القصعة أمّي» ، فقال: «بارك الله فيها» ، ودعا أصحابه فأكلوا فلم أرم الباب حتى جاءته قصعة سعد بن عبادة، على رأس غلام مغطاة فأقف على باب أبي أيوب فأكشف غطاءها لأنظر فرأيت ثريدا عليه عراق فدخل بها على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم» . قال زيد: «فلقد كنّا في بني مالك بن النّجّار ما من ليلة إلا على باب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم منا الثلاثة والأربعة يحملون الطعام ويتناوبون بينهم حتى تحوّل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم [من بيت أبي أيوب، وكان مقامه فيه سبعة أشهر] وما كانت تخطئه جفنة سعد بن عبادة وجفنة أسعد بن زرارة كل ليلة» . وفيه أنه قيل لأم أيوب: «أي الطعام كان أحب إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فإنكم عرفتم ذلك لمقامه عندكم؟ قالت: ما رأيته أمر بطعام فصنع له بعينه، ولا رأيناه أتي بطعام فعابه وقد أخبرني أبو أيوب أنه تعشّى عنده ليلة من قصعة أرسل بها سعد بن عبادة طفيشل. فقال أبو أيوب: فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ينهل تلك القدر ما لم أره ينهل غيرها، فكنا نعملها له، وكنا نعمل له الهريس وكانت تعجبه. وكان يحضر عشاءه خمسة إلى ستة عشر كما يكون الطعام في الكثرة والقلّة» .