للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصار معجزة، لأن إخراج ما في العادة عن العادة نقض للعادة، كما أن إدخال ما ليس في العادة في الفعل نقض للعادة. وبسط الكلام في شرحه.

وأيّهما كان فقد ظهرت بذلك معجزته، واعترفت العرب بقصورهم عنه، وعجزهم عن الإتيان بمثله.

وفيما حكى الشيخ «أبو سليمان: حمد [ (٤١) ] بن محمد الخطّابي» [ (٤٢) ] عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الذي أورده الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم على العرب من الكلام الذي أعجزهم عن الإتيان بمثله- أعجب في الآية، وأوضح في الدلالة من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، لأنّه أتى أهل البلاغة، وأرباب الفصاحة، ورؤساء البيان والمتقدمين في الألسن [ (٤٣) ] ، بكلام مفهوم المعنى عندهم، فكان عجزهم أعجب من عجز من شاهد المسيح عن إحياء الموتى، لأنهم لم يكونوا يطيقون فيه ولا في إبراء الأكمه والأبرص، ولا يتعاطون علمه، وقريش


[ (٤١) ] في (ص) : أحمد.
[ (٤٢) ] أبو سليمان الخطابي: حمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن الخطاب البستي الخطابي، أحد أحفاد أخ الخليفة عمر بن الخطاب (٣١٩- ٣٨٨) . كان معاصروه يرونه في الدقة العلمية والورع، والتقوى قرينا لأبي عبيد «القاسم بن سلام» ، وكان ذا موهبة شعرية، وكان يكسب قوته من التجارة، ثم اتجه في خريف عمره إلى التصوف، وهو أول شارح لصحيح البخاري في كتابه «إعلام السنن في شرح المشكل من أحاديث البخاري» ، وله «معالم السنن» شرح لكتاب السنن لأبي داود ...
وغيرهما.
ترجمته في الفهرست لابن خير ص ٢٠١، المنتظم لابن الجوزي (٦: ٣٩٧) ، الأنباه للقفطي (١: ١٢٥) ، تذكرة الحفاظ للذهبي (١٠١٨) ، البداية والنهاية (١١: ٢٣٦) ، بغية الوعاة للسيوطي، شذرات الذهب (٣: ٢٧) .
[ (٤٣) ] في (ص) : اللّسن.