صارم سَيْفُكَ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: نَاوِلْنِيهِ أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَنَاوَلَهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَبَضَ عَلَيْهِ ضَرَبَهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ، وَيُقَالُ: بَلْ تَنَاوَلَ أَبُو بَصِيرٍ سَيْفَ الْمُنْقِذِيِّ بِفِيهِ، وَهُوَ نَائِمٌ فَقَطَعَ إِسَارَهُ، ثُمَّ ضَرَبَهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ، وَطَلَبَ الْآخَرَ فَجَمَزَ مَذْعُورًا مُسْتَخْفِيًا حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم جَالِسٌ فِيهِ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ: لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا، فَأَقْبَلَ حَتَّى اسْتَغَاثَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، وَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ يَتْلُوهُ، فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: وَفَتْ ذِمَّتُكَ: دَفَعْتَنِي إِلَيْهِمَا، فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ.
سَيُعَذِّبُونَنِي وَيَفْتِنُونَنِي عَنْ دِينِي، فَقَتَلْتُ الْمُنْقِذِيَّ، وَأَفْلَتَنِي هَذَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: «وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ مَعَهُ أَحَدٌ» ، وَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ، بِسَلَبِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: خَمِّسْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ إِنِّي إِذَا خَمَّسْتُهُ لَمْ أُوَفِّ لَهُمْ بِالَّذِي عَاهَدْتُهُمْ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ شَأْنَكَ بِسَلَبِ صَاحِبِكَ، وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ،
فَخَرَجَ أَبُو بَصِيرٍ مَعَهُ خَمْسَةُ نَفَرٍ كَانُوا قَدِمُوا مَعَهُ مُسْلِمِينَ مِنْ مَكَّةَ حَيْثُ قَدِمُوا فَلَمْ يَكُنْ طَلَبَهُمْ أَحَدٌ وَلَمْ تُرْسِلْ قُرَيْشٌ كَمَا أَرْسَلُوا فِي أَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى كَانُوا بَيْنَ الْعِيصِ، وَذِي الْمَرْوَةِ مِنْ أَرْضِ جُهَيْنَةَ عَلَى طَرِيقِ عِيرَاتِ قُرَيْشٍ مِمَّا يَلِي سِيفَ الْبَحْرِ لَا يَمُرُّ بِهِمْ عِيرٌ لِقُرَيْشٍ إِلَّا أَخَذُوهَا وَقَتَلُوا أَصْحَابَهَا، وَكَانَ أَبُو بَصِيرٍ يُكْثِرُ أَنْ يقول:
اللهُ رَبِّيَ الْعَلِيُّ الْأَكْبَرُ ... مَنْ يَنْصُرِ اللهُ فَسَوْفَ يُنْصَرُ
وَيَقَعُ الْأَمْرُ عَلَى مَا يُقَدِّرُ
وَانْفَلَتَ أَبُو جندل ابن سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا أَسْلَمُوا وَهَاجَرُوا فَلَحِقُوا بِأَبِي بَصِيرٍ وَكَرِهُوا أَنْ يَقْدَمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هُدْنَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَكَرِهُوا الثَّوَاءَ بَيْنَ ظَهْرَيْ قَوْمِهِمْ، فَنَزَلُوا مَعَ أَبِي بَصِيرٍ فِي مَنْزِلٍ كَرِيهٍ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَطَعُوا بِهِ مَادَّاتِهِمْ مِنْ طَرِيقِ الشَّامِ، وَكَانَ أَبُو بَصِيرٍ زَعَمُوا وَهُوَ فِي مَكَانِهِ ذَلِكَ يُصَلِّي لِأَصْحَابِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَبُو جَنْدَلٍ كَانَ هُوَ يَؤُمُّهُمْ، وَاجْتَمَعَ إِلَى أَبِي جَنْدَلٍ حِينَ سَمِعُوا بِقُدُومِهِ نَاسٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، وَأَسْلَمَ، وَجُهَيْنَةَ، وَطَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ، حَتَّى بَلَغُوا ثلاث مائة مُقَاتِلٍ، وَهُمْ مُسْلِمُونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute