وقد أفرد الحافظ العلامة الشيخ برهان الدين البقاعي رحمه الله تعالى الكلام على تفسير سورة النصر إعلاما بتمام الدين اللازم عن مدلول اسمها، اللازم عن موت النبي صلّى الله عليه وسلم اللازم عنه العلم بأنه ما برز إلى عالم الكون والفساد إلا لإعلاء كلمة الله تعالى وإدحاض كلمة الشيطان، اللازم عنه أنه صلّى الله عليه وسلم خلاصة الوجود وأعظم عبد للمولى الودود [وعلى ذلك دل ايضا اسمها على التوديع وحال نزولها وهو أيام التشريق من سنة حجة الوداع. « (بسم الله) الذي له الأمر كله فهو العليم الحكيم، (الرحمن) الذي أرسلك رحمة للعالمين، فعمهم بعد نعمة الإيجاد بأن بين لهم إقامة معاشهم ومعادهم بك طريق النجاة وغاية البيان بما أنزل عليك من معجز القرآن الذي من سمعه فكأنما سمعه من الله. (الرحيم) الذي خص من أراده بالإقبال [به] الى حزبه وجعله من اهل قربه [بلزوم الصراط المستقيم] لما دلت التي قبلها على أن الكفار قد صاروا الى حال لا عبرة لهم فيه ولا التفات إليهم، ولا خوف بوجه منهم ما دام الحال على المتاركة كأنه قيل فهل يحصل نصر عليهم وظفر بهم [بالمعاركة] ، فأجاب بهذه الصورة بشارة للمؤمنين ونذارة للكافرين. «ولكنه لما لم يكن ذلك بالفعل إلا عام حجة الوداع يعني بعد فتح مكة بسنتين كان كأنه لم يستقر الفتح إلا حينئذ، فلم ينزل سبحانه هذه السورة إلا في ذلك الوقت وقبل منصرفه من غزوة حنين قبل ذلك. فقال تعالى: (جاء) [ولما كانت المقدرات متوجهة من الأزل إلى أوقاتها المعينة لها، يسوقها إليها سائق القدرة فتقرب منها شيئا فشيئا كانت كأنها آتية إليها فلذلك حصل التجوز بالمجيء عن