للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ نَجْمَعَ الْقُرْآنَ، فَقُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ. حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ صَدْرَهُ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَآهُ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، لَا نَتَّهِمُكَ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ، فَاجْمَعْهُ [ (٩) ] .

قال زيد: فو الله لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ، مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرُونِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.

قَالَ: فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ من الرقاع [ (١٠) ] والعشب [ (١١) ] ، وَاللِّخَافِ [ (١٢) ] ، وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ- مَعَ خُزَيْمَةَ- أَوْ أَبِي خزيمة [ (١٣) ]


[ (٩) ] أخرج مسلم في صحيحه من حديث أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: «لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن» وهذا الحديث لا ينافي ذلك، فقد كان القرآن كله كتب فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم لكنه غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السور.
[ (١٠) ] (الرقاع) : جمع رقعة وقد تكون من جلد أو كاغد.
[ (١١) ] (العسب) : جريد النخل، كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض، وقيل العسيب: طرف الجريدة العريض الذي لم ينبت عليه الخوص والذي ينبت عليه الخوص هو السعف.
[ (١٢) ] (اللخاف) : هي صفائح الحجارة الرقاق فيها عرض ودقة. وقيل هي الخزف يصنع من الطين المشوي.
[ (١٣) ] كذا بالأصل، ووقع في رواية عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ «مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ» أخرجه أحمد والترمذي.
ووقع في رواية شعيب عن الزهري «مع خزيمة الأنصاري» .
وأخرج الطبراني في مسند الشاميين من طريق أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبٍ فقال فيه: «خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ.
الْأَنْصَارِيِّ» .