للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ وَرَدَ مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْبَغْدَادِيِّ بِهُرَاةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَامَةَ أَنَّ رَهْطًا مِنَ الْأَنْصَارِ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، أَخْبَرُوهُ أَنَّ رَجُلًا قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يُرِيدُ أَنْ يَفْتَتِحَ سُورَةً «قَدْ كَانَ وَعَاهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» فَأَتَى بَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَصْبَحَ، لِيَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَآخَرُ، حَتَّى اجْتَمَعُوا فَسَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مَا جَمَعَهُمْ، فَأَخْبَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِشَأْنِ تِلْكَ السُّورَةِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُمْ، وَسَأَلُوهُ عَنِ السُّورَةِ فَسَكَتَ سَاعَةً لَا يُرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: نُسِخَتِ الْبَارِحَةَ، فَنُسِخَتْ مِنْ صُدُورِهِمْ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ كَانَتْ فِيهِ.

قُلْتُ: وَرَوَاهُ عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ:

وَابْنُ الْمُسَيِّبِ جَالِسٌ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ

[ (٢٨) ] .

وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ دَلَالَاتِ النُّبُوَّةِ.

وَأَمَّا مَا لَمْ يُنْسَخْ رَسْمُهُ فَإِنَّهُ بَقِيَ [ (٢٩) ] ، بِحَمْدِ اللهِ، ونعمته، محفوظا إلى


[ (٢٨) ] لا يوضح الخبر ما هي الآية، وأبو امامة قال ابن حجر هو اسعد بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ.
[ (٢٩) ] قسم السيوطي النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب أحدها: ما نسخ تلاوته وحكمه معا، قالت عائشة: كان فيما أنزل: «عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم وهنّ مما يقرأ من القرآن» ، رواه الشيخان. وقد تكلموا في قولها: «وهنّ مما يقرأ» : فإنّ ظاهره بقاء التلاوة، وليس كذلك.
وأجيب بأن المراد: قارب الوفاة، أو أنّ التلاوة نسخت أيضا، ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فتوفى وبعض الناس يقرؤها.
وقال أبو موسى الأشعريّ: نزلت ثم رفعت.
وقال مكيّ: هذا المثال فيه المنسوخ غير متلوّ، والناسخ أيضا غير متلوّ، ولا أعلم له نظيرا، انتهى.