وكان هذا الدرس لم يرق لعلي، فقال للنبي صلّى الله عليه وسلم: أما كفاك الآن قالت لنا عائشة وقالت لنا، حتى أتتك فاطمة فقلت لها: إنها حبة أبيك ورب الكعبة. ولعل مثل هذه السفارة قد تكرر، فحفظت عائشة ذلك كله لعلي وفاطمة. وينبغي ألا ننسى ... أن نشير الى أمر آخر مهم كانت السيدة (عائشة) نفسها هي التي تغار. ذلك انها على شدة حظوتها عند الرسول وكثير محبته لها، لم ترزق منه الولد، وكان- عليه الصلاة والسلام- كبير الشفق والفرح بأولاد بنته فاطمة، كثير الرعاية لهم والخوف عليهم فتشتعل الغيرة في صدرها من الحسن والحسين لتمتد إلى علي وفاطمة. ٢- موقف علي من عائشة في حادث الإفك. ٣- إشارات عارضة استخرجتها من مواطنها لأنها عظيمة الدلالة على رأيها (عائشة) في علي وعاطفتها نحوه. الأولى فقد رواها عطاء بن يسار قال جاء رجل فوقع في علي وعمار رضي الله عنهما عند عائشة، فقالت: اما علي فلست قائلة لك فيه شيئا واما عمار فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: لا يخير بين أمرين إلا اختار ارشدهما (مسند أحمد ٦/ ١١٣) . الثانية نبه إليها داهية بني هاشم: عبد الله بن عباس، روى عن عائشة أنها قالت: لما اشتد بالرسول وجعه دعا نساءه فاستأذنهن ان يمرض في بيتي، فأذنّ له، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم، بين رجلين من اهله أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر تخط قدماه الأرض عاصبا رأسه حتى دخل بيتي» قال راوي الحديث: فحدثت بهذا الحديث عبد الله بن عباس فقال هل تدري من الرجل الآخر؟ قلت: لا، قال: علي بن ابي طالب، ولكنها لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع. حتى بعد انقضاء حرب الجمل وانتهاء الأمر بينهما على خير وتبادل ثناء لم يزل ما بنفسها نحوه، فقد ذكروا انه لما انتهى إلى عائشة قتل علي قالت متمثلة. فألقت عصاها واستقر بها النوى، كما قر عينا بالإياب المسافر فمن قتله؟ فقيل رجل من مراد فقالت: فإن يك نائيا فلقد نعاه* غلام ليس في فيه التراب وأنا أجد هذا الخبر مفصحا عن طويتها نحو علي خير إفصاح، وشارحا ما قدمت لك من انها تخضع