للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَخُوصٍ، لَيْسَ عَلَى السَّقْفِ كَثِيرُ [ (١٢) ] طِينٍ، إِذَا كَانَ الْمَطَرُ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ طِينًا، إِنَّمَا هُوَ كَهَيْئَةِ الْعَرِيشِ.

وَكَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ تَجَهَّزَ لِلْغَزْوِ، وَخَرَجَ فِي نَقْلِهِ إِلَى الْجُرُفِ، فَأَقَامَ تِلْكَ الْأَيَّامَ بِشَكْوَى رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَدْ أَمَّرَهُ عَلَى جيش عامتهم الْمُهَاجِرُونَ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم أَنْ يُغِيرَ عَلَى مُؤْتَةَ، وَعَلَى جَانِبِ فِلَسْطِينَ- حَيْثُ أُصِيبَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبِ، وَعَبْدِ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ- فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، وَيَدْعُونَ لَهُ بِالْعَافِيَةِ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ ابن زَيْدٍ فَقَالَ: اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللهِ، وَالنَّصْرِ وَالْعَافِيَةِ، ثُمَّ أَغِرْ حَيْثُ أَمَرْتُكَ أَنْ تُغِيرَ. قَالَ أُسَامَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ أَصْبَحْتَ مُفِيقًا، وَأَرْجُو أَنْ يكون اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عافاك، فائذن لِي، فَأَمْكُثَ حَتَّى يَشْفِيَكَ اللهُ، فَإِنِّي إِنْ خَرَجْتُ وَأَنْتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، خَرَجْتُ وَفِي نَفْسِي مِنْكَ قُرْحَةٌ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْكَ النَّاسَ، فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

وَقَامَ، فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى ابْنَتِهِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: قَدْ أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ مُفِيقًا، وَأَرْجُو أَنْ يكون اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَفَاهُ، ثُمَّ رَكِبَ فلحق بأهله بالسّناح، وَهُنَالِكَ كَانَتِ امْرَأَتُهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ خَارِجَةَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَانْقَلَبَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِهَا. وَذَلِكَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، وَوَعِكَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَجَعَ أَشَدَّ الْوَعْكِ. وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نِسَاؤُهُ، وَأَخَذَ بِالْمَوْتِ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ يُغْمَى، زَعَمُوا عَلَيْهِ السَّاعَةَ، ثُمَّ يَفِيقُ، ثُمَّ يَشْخَصُ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً قَالَ ذَلِكَ- زَعَمُوا مِرَارًا- كُلَّمَا أَفَاقَ مِنْ غَشْيَتِهِ، فَظَنَّ النِّسْوَةُ أَنَّ الْمَلَكَ خَيَّرَهُ فِي الدُّنْيَا، وَيُعْطَى


[ (١٢) ] في (أ) و (ح) «كبير» .