للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُنَّا عِنْدَهُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، سَلُونِي، فَإِنِّي أَوْشَكْتُ أَنْ أَذْهَبَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ. فَأَكْثَرَ النَّاسُ مَسْأَلَتَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَصْلَحَكَ اللهُ، أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَقَامَ أَهُوَ كَمَا نُحَدِّثُ [ (٢٦) ] ؟

قَالَ: وَمَا كُنْتَ تُحَدِّثُ؟

قَالَ: كُنَّا نَقُولُ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ، صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِ [ (٢٧) ] ، حِينَ جَاءَ، عَرَضَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةُ إِسْمَاعِيلَ النُّزُولَ، فَأَبَى أَنْ يَنْزِلَ، فَجَاءَتْ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعْتُهُ لَهُ.

فَقَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ [ (٢٨) ] : أَوَّلُ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمَنَاطِقَ [ (٢٩) ] مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ، صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلُ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] [ (٣٠) ] وَهِيَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا [ (٣١) ] عِنْدَ الْبَيْتِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءُ. ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ [ (٣٢) ] ، مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَقَالَتْ [ (٣٣) ] : يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَنِيسٌ وَلَا شَيْءٌ؟ قَالَتْ ذلك ثلاث مرار، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ. فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: إِذًا لا


[ (٢٦) ] في (ص) : «يحدّث» .
[ (٢٧) ] في (م) و (ص) : صلّى الله عليه وآله وسلم.
[ (٢٨) ] من هنا أول الحديث في صحيح البخاري.
[ (٢٩) ] (المنطق) ما يشدّ به الوسط، أي اتخذت أم إسماعيل منطقا، وكان أول الاتخاذ من جهتها، ومعناه انها تزيّت بزي الخدم إشعارا بأنها خادم سارة لتستميل خاطرها، وتجبر قلبها.
[ (٣٠) ] ليست في (م) ولا في (ص) .
[ (٣١) ] في (م) و (ص) : «وضعها» .
[ (٣٢) ] ليست في (م) .
[ (٣٣) ] في (م) و (ص) : «وقالت» .