للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُضَيِّعُنَا. ثُمَّ رَجَعَتْ.

وَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ، وَرَفَعَ يَدَهُ وَقَالَ: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي حَتَّى بَلَغَ: لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [ (٣٤) ] فَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا وَجَاعَ، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى- أَوْ قَالَ: يَتَلَبَّطُ- قَالَ: فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ مِنَ الْأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتِ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، وَسَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا، فَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ.

قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، فَلِذَلِكَ [سَعَى النَّاسُ] [ (٣٥) ] بَيْنَهُمَا.

فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ: صَهٍ- تُرِيدُ نَفْسَهَا- ثُمَّ تَسَمَّعَتْ أَيْضًا فَسَمِعَتْ، فَقَالَتْ: قَدْ أُسْمِعْتُ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غَوَاثٌ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ يَبْحَثُ بِعَقِبِهِ- أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ- حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ [ (٣٦) ] وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا، وَهِيَ تَفُورُ بِقَدْرِ مَا تَغْرِفُ.

* قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ- أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ- لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا.

فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، وَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ: لَا تَخَافِي مِنَ الضَّيْعَةِ، فَإِنَّ


[ (٣٤) ] الآية الكريمة (٣٧) من سورة إبراهيم.
[ (٣٥) ] الزيادة من (م) و (ص) ، وهي موافقة لصحيح البخاري.
[ (٣٦) ] في (هـ) و (ح) : تحوّطه، وفي (ص) : تخوضه، وأثبتّ ما في (م) ، وهو موافق لرواية البخاري، ومعناه: «تجعله كالحوض لئلا يذهب الماء» .