للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَهُنَا بَيْتَ اللهِ، يَبْنِيهِ هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللهَ لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ. فَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّ بِهِمْ قَوْمٌ مِنْ جُرْهُمٍ-[أَوْ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمِ] [ (٣٧) ] مُقْبِلِينَ مِنْ كَدَاءَ [ (٣٨) ] فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا [ (٣٩) ] فَقَالُوا: إِنَّهُ لَيَدُورُ، وَلَعَهْدُنَا بِهَذَا، الْوَادِي مَا فِيهِ مَاءٌ! فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا [ (٤٠) ] أَوْ جَرِيَّيْنِ فَرَجَعُوا، فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ. فَأَقْبَلُوا، فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكَ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ: فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ. فَنَزَلُوا مَعَهَا حَتَّى كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلَامُ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ [ (٤١) ] ، مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ [ (٤٢) ] وَأَعْجَبَهُمْ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ [ (٤٣) ] . وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ.

قَالَ مَعْمَرٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ] [ (٤٤) ] ، أَنَّهُ قَالَ لِقُرَيْشٍ: إِنَّهِ كَانَ وُلَاةُ هَذَا الْبَيْتِ قَبْلَكُمْ- أَظُنُّهُ قَالَ طسم- وتهاونوا به [ (٤٥) ] ،


[ (٣٧) ] ليست في (ص) .
[ (٣٨) ] محل في أعلى مكة.
[ (٣٩) ] (طيرا عائفا) هو الذي يتردد على الماء ويحوم حوله، ولا يمضي عنه، والعائف: الرجل الذي يعرف مواضع الماء من الأرض.
[ (٤٠) ] (الجري) : الوكيل، والأجير، وسمي كذلك لأنه يجري مجرى مرسله، أو موكله، او لأنه يجري مسرعا في حوائجه.
[ (٤١) ] عند الحاكم: «أول من نطق بالعربية إسماعيل» .
[ (٤٢) ] (أنفسهم) ، بلفظ الماضي، اي رغبهم فيه، وفي مصاهرته، يقال: أنفسني فلان في كذا، اي:
رغبني فيه، وأعجبهم: أي أعجبهم في نفاسته.
[ (٤٣) ] قال السهيلي: «اسمها: جداء بنت سعد» ، وعن ابن اسحق ان اسمها: عمارة.
[ (٤٤) ] ليست في (م) .
[ (٤٥) ] في (م) : «فَتَهَاوَنُوا بِهِ» .