أحدهما: أن معجزات الأنبياء ذهبت بموتهم، فلو قال ملحد اليوم: أي دليل على صدق محمد وموسى؟ .. فقيل له: محمد شق له القمر، وموسى شق له البحر.. لقال: هذا محال.. فجعل الله سبحانه هذا القرآن معجزا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلّم يبقى أبدا.. ليظهر دليل صدقه بعد وفاته، وجعله دليلا على صدق الأنبياء، إذ هو مصدّق لهم ومخبر عن حالهم.
والثاني: أنه أخبر أهل الكتاب بأن صفة محمد صلى الله عليه وسلّم مكتوبة عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وشهد لحاطب بالإيمان، ولعائشة بالبراءة، وهذه شهادات على غيب.. فلو لم يكن في التوراة والإنجيل صفته، كان ذلك منفرا لهم عن الإيمان به ولو علم حاطب وعائشة من أنفسهما خلاف ما شهد لهما به، نفرا عن الإيمان.
وعن إعجاز القرآن يقول الأستاذ المهتدي «أتيين دينيه» الكاتب الفرنسي الذي أسلم وحجّ وكتب الكثير عن الإسلام، من كتابه مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم، إن معجزات الأنبياء الذين سبقوا محمدا كانت في الواقع معجزات وقتية، وبالتالي معرضة للنسيان السريع، بينما نستطيع أن نسمي معجزة الآية القرآنية..
«المعجزة الخالدة» .. ذلك أن تأثيرها دائم، ومفعولها مستمر، ومن اليسير على المؤمن في كل زمان وفي كل مكان، أن يرى هذه المعجزة بمجرد تلاوة كتاب الله..
وفي هذه المعجزة نجد التعليل الشافي للانتشار الذي أحرزه الإسلام، ذلك الانتشار الذي لا يدرك سببه الأوروبيون، لأنهم يجهلون القرآن، أو لأنهم لا يعرفونه إلا من خلال ترجمات لا تنبض بالحياة، فضلا عن أنها غير دقيقة..
إن الجاذبية الساحرة التي يمتاز بها هذا الكتاب، الفريد بين أمهات الكتب