للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَتَضَعَّفْتُ [ (١١) ] رَجُلًا مِنْهُمْ فَقُلْتُ: أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ [ (١٢) ] : الصَّابِئُ قَالَ:

فَأَشَارَ إِلَى الصابي [ (١٣) ] . قَالَ فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ، حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، قَالَ: فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعَتُ، كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ، فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا، وَغَسَلَتُ عَنِّي الدَّمَ، فَدَخَلْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، وَلَقَدْ لَبِثْتُ يَا ابْنَ أَخِي ثَلَاثِينَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَمَالِي طَعَامٌ إِلَّا ماء زمزم، فسمنت حتى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي [ (١٤) ] وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ [ (١٥) ] قَالَ فَبَيْنَمَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ [ (١٦) ] إِضْحِيَانٍ [ (١٧) ] قَدْ ضَرَبَ اللهُ تَعَالَى عَلَى أَصْمِخَةِ [ (١٨) ] أَهْلِ مَكَّةَ، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرُ امْرَأَتَيْنِ فَأَتَتَا عَلَيَّ وَهُمَا يَدْعُوَانِ إِسَافًا ونَائِلَةَ، قَالَ: فَأَتَتَا عَلَيَّ فِي طَوَافِهِمَا فَقُلْتُ: أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الْأُخْرَى، قَالَ فَمَا تَنَاهَيَتَا عَنْ قَوْلِهِمَا، وَقَالَ غَيْرُهُ فَمَا ثَنَاهُمَا ذَلِكَ عَمَّا قَالَا قَالَ: فَأَتَيَا عَلَيَّ فَقُلْتُ: هَنٌ مِثْلُ الْخَشَبَةِ [ (١٩) ] غَيْرَ أَنِّي لَا أُكَنِّي، فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلَانِ [ (٢٠) ] وَتَقُولَانِ:


[ (١١) ] يعني: نظرت إلى أضعفهم فسألته، لأن الضعيف مأمون الفائلة.
[ (١٢) ] في (ح) : «يدعونه» .
[ (١٣) ] (الصابئ) : منصوب على الإغراء، أي: انظروا وخذوا هذا الصابئ.
[ (١٤) ] (عكن بطني) جمع عكنة، وهو الطيّ في البطن من السمن، معنى تكسرت: أي انثنت وانطوت طاقات لحم بطنه.
[ (١٥) ] سخفة: بفتح السين وضمها: هي رقة الجوع وضعفه وهزاله.
[ (١٦) ] (قمراء) مقمرة.
[ (١٧) ] (أضحيان) : أي مضيئة، منوّرة.
[ (١٨) ] أصمخة، ويقال: أسمخة: المراد هنا: الآذان، أي ناموا. قال تعالى: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ أي: أنمناهم.
[ (١٩) ] (هن مثل الخشبة) الهن، والهنة بتخفيف نونهما، هو كناية عن كل شيء، وأكثر ما يستعمل كناية عن الفرج والذكر، فقال لهما: أو مثل الخشبة في الفرج، وأراد بذلك: سب إساف ونائلة وغيظ الكفار بذلك.
[ (٢٠) ] (الولولة) الدعاء بالويل.