للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو كان ها هنا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا.

قَالَ فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا هَابِطَانِ مِنَ الْجَبَلِ، فَقَالَا لَهُمَا: مَا لَكُمَا؟ قَالَتْا: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، قَالَ: مَا قَالَ لَكُمَا؟ قَالَتَا: قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلَأُ الْفَمَ [ (٢١) ] .

فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ هُوَ وَصَاحِبُهُ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ هُوَ وَصَاحِبُهُ، ثُمَّ صَلَّى، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَأَتَيْتُهُ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ.

ثُمَّ قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ غِفَارٍ، قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبِينِهِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي [كَرِهَ] أَنِ انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ، قَالَ: فَأَهْوَيْتُ لِآخُذَ بِيَدِهِ فَقَدَعَنِي [ (٢٢) ] صَاحِبُهُ وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ متى كنت هاهنا؟

قلت قد كنت هاهنا منذ ثلاثين ليلة ويوم قَالَ: فَمَنَ كَانَ يُطْعِمُكَ؟ قُلْتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ! ائْذَنْ لِي فِي إِطْعَامِهِ اللَّيْلَةَ، فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا حَتَّى فَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا، فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ فَكَانَ ذَاكَ أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا، قَالَ: فَغَبَرْتُ مَا غَبَرْتُ [ (٢٣) ] ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ وُجِّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ [ (٢٤) ] لَا أَحْسَبُهَا إِلَّا يَثْرِبَ، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ لَعَلَّ اللهَ أَنْ ينفعهم


[ (٢١) ] تملأ الضم أي عظيمة لا شيء أقبح منها.
[ (٢٢) ] (قد عني) كفّني.
[ (٢٣) ] (غبرت ما غبرت) : أي بقيت ما بقيت.
[ (٢٤) ] (وجّهت لي أرض) أي: أريت جهتها.